يأتي هذا الكتاب في وقتٍ تنسحب في المؤلفات الجادة حول تاريخ المعمار بالمغرب، بحكم ما بات يطبع البحث التاريخي من اشتغالات مكثفة على الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتم نسيان الجانب الحضاري من تاريخ المغرب. لذلك فإنّ الكتاب، يعيد إعطاء إشارات ضوئية للاهتمام بتاريخ المعمار بجنوب المغرب، بحكم ما تزخر به المنطقة من تراث معماري ضارب في قدم الحضارية المغربية وجمالياتها. لكنّ الباحث هنا، يعطي لكتابه صبغة تجديدية فهو لا يتناول الجانب المعماري بشكل معماري وإنما يدرسه في علاقته بالبيئة، بحكم أن هناك نماذج معمارية وُجدت في منطقة درسة ذات خصوصية محلية وأصبحت نموذجاً يحتدى به في مجال التصميم المعماري.
يقول الباحث عن كتابه الجديد «يشكل هذا الكتاب محاولة لدراسة التراث المعماري بواحات الجنوب المغربي الذي ظل من المواضيع الهامشية ولم ينل الاهتمام الكافي من طرف الباحثين، إذْ باستثناء العمل المؤسس الذي أنجزه المؤرخ الفرنسي هنري طيراس تحت عنوان « القصببات الأمازيغية بالأطلس والواحات الصادر سنة 1938 لا تزال الجهود حثيثة لتليط الضوء على مميزات وخصائص الحياة الاجتماعية في واحات درعة مثل غيرها من المجالات القابعة خلف جبال الأطلس الكبير وفي هذا الصدد تندرج جهود الباحث الدكتور عبد الكريم التزرني».
يضيف «والعمل الذي بين أدينا هو ثمرة عمل دام سنوات، دعم خلاله الباحث مرجعبته البيبليوغرافية بزايارته الميدانية وهو ابن المنطقة، إسهاماً منه في دراسة دور البيئة والمجال في تشكيل المعمار الطيني الذي تمثله القصور في البيئة الدرعية وتبيان أهمية ذلك كتراث يتداخل فيه التراث المادي بالامادي قوامه التأثيرات المبنية على تجارب بشرية مختلفة بـ « طبقات متنوّعة » تفاعل فيها الأصل الأمازيغي الصنهاجي والإفريقي مع الانجذابات المعقلية الأخرى المتلاحقة القادمة من المشرق ليصهر بعدا ثقافيا ونمطا معماريا شبه فريد، فرضته المواد قليلة التنوع التي وفرها المجال».




