تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يكتب التاريخ ليس بالعودة إلى المراجع والوثائق التاريخية وإنّما من خلال الآثار المعمارية التي تتوسّلها الباحثة لإعادة إنتاج سردية تاريخية حول الحمامات والدور الذي طالما لعبته في تاريخ مدينة مراكش. لذلك فإنّ هذا الانفتاح وثائق أثرية أعطى للباحثة إمكانات مذهلة فير صد الذاكرة التاريخية للحمامات وإبراز أدوارها وملامحها وجمالياتها وفق آلية علمية تقوم على تقديم مقاربة علمية مزدوجة ترصد البعد التاريخي وفي نفس الوقت نفسه، تحاول أن تكشف عن بعد الجمالي لهذه الحمامات ومدى عمقها التاريخي الضارب في قدم الحضارة المغربية.
تقول الباحثة «الحمام مؤسسة عريقة بالمغرب منذ الزمن الروماني. وقد أدت الحمّامات الخاصة منها والعامة دوراً ذا أهمية على أكثر من صعيد: اجتماعي وصحفي وثقافي وديني وترفيهي. وأضحت من أهم مكوّنات المدينة الرومانسية، وأصبح الحمّام الروماني وكذلك البيزنطي مرجعاً معمارياً للحمامات التي شُيّدت في الحضارة العربية الإسلامية التي أنقذتها من الاندثار باستيعابها ضمن نشاطها الديني والاجتماعي والاقتصادي، لدرجة أضحت معها مؤسسة الحمام تأتي في أهميتها ضمن المدينة الإسلامية المسجد ـ الجامع نظراً إلى العلاقة الوطيدة بينهما».
وتعتبر الباحثة أنّ الطابع الإسلامي أضفى على الحمام «روحا جديدة تطوّرات بتطوّر الحضارة الإسلامية. ولعل حمّامات بلاد الشام وإسطنبول ومنطقة الأناضول عموما خير شاهد على روعة هذه المباني وأهميتها في الحياة الدينية والاجتماعية والاستشفائية والترفيهية».
لذلك ترى في «الأسر الحاكمة والنخب الثقافية على أرض المغرب، تركت بصماتها على هذه المؤسسة العريقة التي لا تزال آثارها الرومانسية حاضرة بكثافة، شاهدة على عظمتها وما قامت به من وظائف في المجتمع عبر تاريخه الطويل ».




