أشرف الحساني يكتب: سياسة بلا ثقافة

أشرف الحساني

في 06/10/2025 على الساعة 20:15

إنّ المتأمّل للمشهد السياسي، يجد نفسه أمام قرارات إدارية أكثر من كونها مشاريع ثقافيّة، فالسياسي لا تهمّه الثقافة، إلاّ من خلال ما يمكن أنْ يستفيده منها. لذلك، فهو يحرص في كل مرّة يتحدث فيها بلسان الثقافة على التفكير في العائدات المادية الملموسة، قبل التفكير فيما يمكن أنْ يُحدثه المشروع الثقافي من أثر في يوميات الناس.

وبالتالي فإنّ هذه النظرة الثقافية ذات البعد التجاري، باتت تُسيطر على مجمل خطابات الجهات الوصية على الثقافة والفنون في المغرب، وكأنّ هؤلاء لا تهمّهم سوى لغة الأرقام التي تتنافى بشكل قطعي مع طبيعة مفهوم الرأسمال الثقافي وقيمته ودوره في تحديث المجتمع. إنّ غياب التكوين الثقافي ـ المعرفي للعديد من السياسيين يساهم في إضعاف المشاريع الثقافية ويجعلها باهتة وعبارة عن ممارسات على هامش التحوّلات التي يعرفها المجتمع.

بهذه الطريقة يغدو مشكل الثقافة بنيوياً في المتخيّل السياسي، لأنّ أغلب الوزراء الذي قدموا من خارج الثقافة لم يتركوا أيّ أثر كبير في مجال السياسات الثقافيّة، لأنّهم كانوا مجرّد أشخاص عابرون لا أثر لهم يُذكر. إذْ رغم المجهود المبذول من طرف الجهة الوصية على الثقافة وما تقوم به من مشاريع ثقافية تهم مجالات ذات صلة بالكتاب والمجلات والدعم المسرحي وبطاقة الفنان، إلاّ أنّ مجمل القرارات التي تتخذها لا تدخل ضمن تصور ثقافي وطني موحّد تتواشج فيه كلّ العناصر المقرّر الاشتغال عليها، بقدر ما تأتي وفق نزعة سياسية تنظر إلى الثقافة، باعتبارها بمثابة مكمّل للأجندات السياسية.

لذلك، فإنّ رؤية السياسي إلى الثقافة غالباً ما تكون مطبوعة بالترفيه وقائمة على الاستهلاك، وهو تصورٌ يقوم على جعل الثقافة في خدمة السياسة بدل أنْ تكون الثقافة ذات أثر بيّن في السياسة، على أساس أنّ الثقافة سابقة على السياسة وما هذه الأخيرة سوى ممارسة تتشبّث بجميع الوسائل من أجل الوصول إلى السلطة. إنّ السياسة حين توجهها الثقافة تكون ممارسة مبنية على كل ما هو صادق وأصيل، حيث تصبح المنطلقات الإيديولوجية للخطاب السياسي مبنية على أساس ثقافي وخطاب علمي يموقع الثقافة بالمكان الذي تنتمي إليه.

ففي الآونة الأخيرة، غدت الثقافة داخل الخطاب السياسي المغربي، تتنزّل منزلة عميقة ومؤثّرة بطريقة أصبح فيها التفكير في الثقافة على أساس أنّه يمكن « استغلالها » لتحقيق أغراض اقتصادية، بغية خلق دينامية اقتصادية حقيقية تصبح فيها الثقافة عبارة عن علامة بارزة داخل مجال السياسات العمومية. إنّ الوعي بقيمة الثقافة ما يزال ضعيفاً بالمغرب، إذْ لم تستطع السياسات الثقافية إنتاج مشروع ثقافي وطني، يكون مؤثراً في المجتمع وتغدو معه الثقافة بمثابة جواب عن بعض من الأسئلة المعلّقة حول علاقة الفرد بالتاريخ والذاكرة.

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 06/10/2025 على الساعة 20:15