إذْ على الرغم من كون عنوان الكتاب يتماشى أكثر مع العلوم السياسية، إلاّ أنّ كلمة الناشر على الكتاب تُظهر بعمق المقاربة التاريخية التي اتبعها فتح الله والعلو وقيمتها في النّظر إلى مفهوم الجنوب ومحاولة وضعه في السياق الصحيح. وذلك بحكم أنّ المقاربة التاريخية لها قيمتها المركزية في تأسيس مشروع معرفي قادرٍ على إبراز الدور الذي لعبه الجنوب. ويؤكد هذا الانشغال بالدرس التاريخي زخم الثقافة التي يحبل بها فتح الله والعلو، فهو لم يحصرها في مجال السياسة ودواليبها، بقدر ما جعلها تتواشج مع تحليلاته التي اتخذت شكل كتاب معرفي يحفر في دواليب العالم الثالث والجنوب الذي سمّاه بـ«المعولم».
تقول كلمة الناشر «يرجع المؤلف الموقف عبر مقاربة تاريخية إلى عشرينات القرن الماضي وسياقات ما بعد الحرب العالمية الأولى. حيث ظهر مفهوم الجنوب لأول مرة قبل ترسيخه خلال الخمسينيات بعد مؤتمر باندونغ. سمحت مدخلات القرن الـ21 بعد مسار كامل (القرن 20) بنظرة جديدة ومعطيات محدثة. حيث يسعى الجنوب المعولم لتدبير العولمة ومخاطرها، في ظل تطلعات متجددة وأماكن التفاوت بين الشمال والجنوب. يناقش هذا التحول، مع الرجوع إلى الأبعاد المتعلقة بالقضية الفلسطينية كركيزة محورية ومتغير لم يتأثر بصعود الجنوب المعولم. يتناول الكتاب رؤية فكرية متعددة الأبعاد حول القضايا التاريخية والتنموية المتعلقة بالجنوب العالمي، مع التركيز على التداعيات السياسية والاجتماعية لهذه التحولات».