يعتبر هذا الكتاب للمهندس الفرنسي ميشيل إيكوشار، أحد أبرز الأعمال الهامة التي تؤرخ لمدينة الدارالبيضاء، خاصة في وقتٍ لا توفر فيه على مؤلفات من هذا القبيل التي تعنى بتاريخ مونوغرافي معيّن. إنّ مثل هذه المؤلفات تكتسب أهميتها لحظة نقلها إلى العربية، لأنها تزوّد الباحث بكم هائل من المعلومات ذات الصلة بتاريخ المغرب المعاصر. ولأن هذه المؤلفات كتبت من طرق أيادٍ أخرى ليست مغربية، فإن قيمتها تزداد وتمّكن الباحث من قراءة تاريخ بلده انطلاقاً من زاوية أخرى بعيدة عن التاريخ المركز الذي يُكتب حول المغرب. كما أنّ هذه الدراسة المدهشة كتبت بطريقة مغايرة عن تلك التي عودتنا عليها المؤلفات الأخرى سواء كانت مغربية أو فرنسية أو إسبانية أ حتى أمريكية، فالمدخل هنا فنياً جاء على يد مهندس وليس مؤرخ ولا شك أن مثل هذه المؤلفات المختلفة تعطي للقارئ فسحة من التفكير لتأمّل المعمار البيضاوي الذي يعيش فيه.
يعتبر الكتاب مصدراً هاماً بالنسبة للباحثين، إذْ يعثرون فيه على مجموعة من المعلومات التي تساعدهم على تمثل تاريخ الدارالبيضاء وفهم دلالاتهم وسياقاته وإمكانات كتابة تاريخ معماره ومعالمه الجمالية، في وقتٍ تتراجع فيه هذه المعالم المعمارية وتنتحر على أعتاب التعمير المبتذل والكاسح، حتى أصبحت المدينة مدينة المال والتجارة وليست مدينة الفن والجمال كما كانت عليه دائماً بالنسبة للأوروبيين الذين جعلوا منها مختبراً للتفكير في عوالم معمارية مختلفة على طول شارع محمد الخامس.



