تأتي قيمة هذا اللقاء في كونه يكشف عن العلاقة بين التاريخ والسرد، ويتعامل مع التاريخ من منطلق كون الأدب قادر على التأثير في عمل المؤرخ، فالأدب يعد أوّلاً في طليعة مصادر التاريخ الإسلامي بعد المسكوكات والكتابات المنقوشة، حيث يأتي الأدب التاريخي، باعتباره عنصراً مؤثراً في ثنايا عمل المؤرّخ. ففي الآونة الأخيرة عمل مجموعة من الباحثين والروائيين على العودة إلى التاريخ بحكم أنه يشكل مادة خصبة تساعدهم على فهم الرجّات التي عرفها المجتمع المغربي ومحاولة بناء عوالمها وفق قالب أدبي يمزج في طياته بين التاريخ والتخييل.
خاصة وأن هناك مجموعة من الأعمال الروائية التي تفاعلت مع مراحل معيّنة من تاريخ المغرب وجعلتها تبرز إلى السطح، بحكم السحر الذي يمارسه الأدب على القارئ، إذْ هناك عدة أعمال روائية تُظهر بقوّة ملامح المجتمع أكثر من الكتابة التاريخية، بحكم رهانها على نمطٍ من الخطاب التي يتداخل المنهج بالمعرفة.
كما أنّ اختيار رواية محمد حبيدة نابع من قناعة علمية، بسبب المكانة التي يحتلها الأكاديمي والمؤرخ محمد حبيدة داخل البحث التاريخي، انطلاقاً من مساهماته الكبيرة في مجال الكتابة التاريخيّة ووعي المقتدر بالتحولات التي تطبع التاريخ. على هذا الأساس يطلّ علينا حبيدة بين الفينة والأخرى بمجموعة من اللقاءات والمحاضرات التي يعمل من خلالها على رفع منسوب الوعي بمفهوم التاريخ والتحولات العلمية التي يعرفها داخل سياقات مختلفة.




