تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يعيد للقصة القصيرة بهجتها وأصالتها وما تحبل به من جماليات مدهشة، إذْ رغم المكانة التي طالما ميّزت الأدب المغربي، فإنّنا نعثر في السنوات الأخيرة على نوع من الإهمال لهذا الجنس الذي جدّد الأدب المغربي وجعله بارزاً في المشهد الثقافي المغربي، في وقتٍ أصبحت فيه الرواية تكتسح جغرافية الثقافة المغربية لا بسبب الإمكانات التي يحبل بها النص الروائي وإنّما أيضاً بسبب الحظوة المادية التي طبعت هذا الجنس في الآونة الأخيرة، بعدما تخلى عدد من كتّاب القصّة على كتابتها ونفس الأمر أيضاً بالنسبة للممارسات الشعرية التي تراجعت لصالح كتابة الرواية، حيث نعثر على العديد من الشعراء المغاربة وقد تحولوا إلى كتابة الرواية وتركوا الشعر إيماناً منهم بهذه الحظوة التي تتيحها الرواية بالمقارنة مع القصة والشعر.
يقول الناقد «تعد القصة القصيرة جدا مجالا خصبا للمقاربة التداولية، لقدرتها العالية على التكثيف والإيجحاء واعتمادها على المضمر وتفاعلها العميق مع السياق التداولي ومقاصد الكاتب والمتلقي، حيث أصبحت فنا سرديا يراهن على اقتصاد اللغة واتساع المعنى، وهو ما جعل تداولها يتجاوز مجرد التلقي البسيط إلى فعل تأويلي يتططلب قارئا متعاونا يملك أدوات تفكيك المضمر المتوارس خلق السطور وبين الفراغات للكشف عن مستويات تلقي النصوص القصصية القصيرة جدا والوقوف على الأنساق الثقافية والخليفيات الذهنية والثقافية المشتركة بين الكاتب والمتلقي« .
