في كتابه هذا يواصل الحيسن اشتغاله في مجال الفنون التشكيلية باعتباره بوازي في تجربته البحثية بين الفن التشكيلي والكتابة عنه. وهذا الأمر لا يكون متاحاً لكلّ المبدعين. فالجمع بين الكتابة والممارسة الفنية تُتيح للحيسن إمكانات مذهلة في التعبير عن ذائقته الفنية كفنان تشكيلي والكتابة عن تحولات الفن المعاصر من جهةٍ ثانية. ناهيك عن كونه واحداً من النقاد المغاربة الذين حرصوا منذ البداية الانخراط في الشأن الفني والمساهمة في تأليف كتب تُساير التغيرات التي عرفها المجال الفني في المغرب بكل ما يتّصل به من تشكيل وفوتوغرافيا وفنون شعبية. كلّ هذا في وقتٍ كان فيه من الصعب الانخراط فكرياً في هذه المجالات التي لا تلقى اهتماماً سواء من لدن المثقفين أو من داخل الجامعة نفسها التي تُعتبر مختبراً لإنتاج الأفكار وإرسال إشارات ضوئية حول ما ينبغي أنْ نُعوّل عليه فكرياً.
في التقديم الذي وضعته الفنانة والباحث المصرية أمل نصر، تقول بأنّ إبراهيم الحيسن « لم يلتزم في هذا الكتاب بطابع تاريخي رتيب لمؤلفه، بل تتبّع شغف المدارات التي اقترحها في كتابه ذي الطابع الانتقالي، حيث اتسعت رؤيته لفن البورتري وطاف بنا تطوافاً واسعاً من الوجه ذي الطابع المقدّس إلى الوجه المستهلك إلى الوجه المنغمس في ذاته المتألمة كما قدمه فان غوخ وفريد كاهلو إلى الوجه الذي يحمل قسوة الحياة وتناقضاتها عند إيغون شييل إلى الدمى البدائية عند جان دوبوفيه من البورتري المادح المثالي الذي قدّمه دافنشي إلى البورتري التعبيري كما في تجربة ثيودور جيركو، من نساء روبنز المترفات إلى نساء بوتيرو المكتنزات الساخرات من البورتري البللوري الواقف عند الحدود بين البشرية والملائكية عند رفاييل إلى غنائية الحس في وجوه بوتتشيلي من صرامة البناء الهندسي للتكعيبيين إلى الإحساس العارم الذي يُولّده اللون عند الوحشيين ومن ابتسامة الموناليزا حتى صرخة إدفارد مونش. إنها رحلة البورتري من البحث عن الجمال المثالي إلى البحث عن قوّة التعبير وجمالية القبح ».