تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يحفر مجراه عميقاً في القرن الـ 19 سيما وأن هذا القرن يعتبر مفصلياً ي تاريخ الشعوب والعلوم، لأنه قرنٌ عرف الكثير من الإبدالات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها التي لعبت دوراً كبيراً خلال القرن العشرين. فاختيار هذه المرحلة كمختبر للتفكير نابع من قناعة لدى الباحث بقيمة القرن التاسع عشر ومدى تأثير في النظم والأفكار والمواقف. على هذا الأساس يسعى الباحث إلى عملية تفكيك مفهوم النخبة واستعراض أسباب إخفاقاتها وعدم قدرتها على اختراق المرحلة التي عاشت فيها عبر أفكار ومفاهيم قد تصلح للزمن الراهن، رغم الاختلاف البيّن والكبير بين الماضي والحاضر.
يقول الباحث « إنّ ما كان يجري داخل المجتمع، إنْ على المستوى التجاري والاقتصادي أو على المستوى الفكري والثقافي، له دوره كذلك في تحديد نوعية السياسات المتبعة وتكريس الرأي الراجح كما تبلوره النخبة اللصيقة بالحكم وتدافع عن داخل دواليب المخزن وفي حضرة السلطان إ كان لها حظ في ذلك. وتكمن أهمية هذا القرن في كونه أرّخ لنهاية ما بقي من إمبراطورية امتدت أطرافها للأندلس شمالا والقيروان شرقاً، ولنهر السينغال جنوباً، وبعبارة أدق نهاية حقبة وانطلاق أخرى عرفت بالركود والتقهقر والارتجال، انتهت بالتوقيع على اتفاقية الحماية سنة 1912 فهي إذن حقبة من الزمن بمثابة خزان لما كان عليه المغرب من قبل ومرآة لما كان عليه الفكر التقليداني ونظم هيمنة الحكم السلطاني ».
