وعلى مدار سنوات، حرص الشرايبي على إخراج أفلام تنطلق من خصوصية محلية مع ما يعيشه الفرد من أهوال ومآزق وتصدّعات. وذلك بما جعله من المخرجين الأوائل الذين جعلوا من الكاميرا أداة لإدانة الواقع المغربي. وتكشف معظم أفلامه عن العلاقة العضوية الوطيدة التي تتشكّل وتُنتسج بين السينما والمجتمع خلال لحظات مختلفة ومتباينة من التاريخ المعاصر. لدرجةٍ تغدو أفلامه عبارة عن وثيقة بصرية توثق لبعض الرجّات التي يمّر منها الفرد داخل المجتمع. يمتلك صاحب « الميمات الثلاث » وعياً كبيراً لاختراق الواقع وتفكيك أوصاله وميكانيزماته على شكل صُوَرٍ سينمائية باقية في الذاكرة والوجدان. غير أنّ تعامل الشرايبي مع الواقع لا يتم بطريقة المحاكاة وإنّما على شكل إنتاج واقع جديد يمشي بشكل موازي مع الواقع الأصلي.
يأتي هذا اللقاء الفني الذي يشرف على تأطيره كل من أحمد توبة والحبيب الناصري، ضمن سلسلة من اللقاءات السينمائية التي يحرص ماستر دراسات مسرحية على تنظيمها والاستضافة من خلال كوكبة من المخرجين السينمائيين المغاربة ممّن قدّموا أفلاماً مميّزة لها أبعادها الإيديولوجية وشروطها الجماليّة وأسسها المعرفية. وتلعب مثل هذه اللقاء الفنّية دوراً كبيراً في تقريب الفضاء الجامعي من كواليس صناعة الفنّ السابع والكشف عن مباهجه وأعطابه وقيمته داخل مغرب اليوم. خاصّة وأنّ النجاحات الكبيرة التي باتت تُحقّقها السينما تفرض على المؤسسات والجمعيات إعادة التفكير في هذا الفنّ والسعي إلى تثمينه ودعمه بالندوات واللقاءات التي تزيد من ارتفاع منسوب السينما وتداولها داخل الجامعة وخارجها.