وحسب دار النشر « لغات الجنوب » فإنّ هذا العمل الصادر بتعاون مع الشركة الملكية لتشجيع الفرس ضمن مجموعة الثقافة والتراث، يتناول أصول هذا التقليد المغربي من خلال مواضيع متنوعة مثل فن الحرب والممارسات الاجتماعية والصناعات التقليدية. وأضاف المصدر ذاته بأن « خيول وفرسان فن التبوريدة بالمغرب » يدعو القارئ للولوج إلى خلف الكواليس في اختبارات التبوريدة التقنية والتدريب، وأيضاً الأبعاد الروحية والثقافية والتاريخية لفن الفروسية التقليدي.
وتتميّز عملية البحث في الموضوع بنوعٍ من الخروج عن المجال الأدبي وارتياد مجالات أكثر وعياً بهذه الممارسة الفنية التعبيرية. بحيث يجد المرء نفسه أمام مجال أنثروبولوجي يُشخّص هذه الممارسة ومدى تجذّرها في البيئة المغربية وتاريخها. لهذا يجد الباحث نفسه في وضعية تفكير وتحليل لمختلف تمركز الفروسية في تاريخ المغرب ودلالتها كبنية ثقافية مترسّخة داخل البادية. خاصّة وأنّ الاهتمام بهذا التراث اللامادي، أصبح يفرض نفسه بقوّة من أجل توثيقه وتثمينه والحفاظ عليه. من ثمّ، فإنّ قيمة الكتاب تأتي من زاوية معرفية تُقدّم معلومات هامّة على هذا الفنّ المغربي وإبراز خصوصياته الفنية وعناصره الجمالية، سيما وأنّ المؤلّف يتوفّر على مجموعة من الصُوَر التي تُظهر ملامح هذا الفن وذاكرته.
وأشارت دار النشر إلى أن هذا الكتاب، يساهم في إبراز التراث اللامادي للمغرب من خلال عيون كاتبه فؤاد العر وي « المفتون بالتبوريدة منذ اكتشافه لها وهو طفل، يضع قلمه هنا في خدمة شغفه ». وأبرز الكتاب أنّ هذا العمل يعد « استثنائياً مزوداً بصور حية وفن الخط ورسوم فنانين، وسيسعد عشاق هذا التقليد الفروسي الأثري » مشيرا إلى أن الصور المتضمنة فيه من إنجاز المصورين المغربيين يورياس وياسين تومي.
يذكر أن يورياس، هو مصور شارع ذاتي التعلم، أصبح عالميا معروفا بعمله المعنون « الدار البيضاء ليست كما في الفيلم ». فاز سنة 2018 بجائزة التصوير الإفريقي المعاصر السابعة، فيما فاز سنة 2019 بجائزة المعهد للعالم العربي للإبداع الشاب المعاصر العربي. أما ياسين تومي، خريج مدرسة الفنون الجميلة في الدار البيضاء سنة 2010، فهو مصور صحفي، يجوب المغرب اليوم بحثا عن الصورة التي تقول أكثر من ألف كلمة، وتتميز صوره بطابعه الجريء ونظرته الفضولية بشكل متميز.
جدير بالذكر، أنّ فؤاد العروي كاتب ومهندس خريج مدرسة القناطر والطرق بباريس (1982)، وحاصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية. وصدرت له العديد من المؤلفات في القصّة والشعر والرواية والفكر. وتتميّز سيرة العروي بغزارة الإنتاج وقُدرته على الكتابة في أكثر من جنسٍ أدبي. ففي كلّ مرة يُدهشنا فؤاد العروي بقُدرته على الغوص في قضايا كبيرة ذات صلة بالمغرب. لهذا يشكّل الكتاب قيمة كبيرة للثقافة المغربية، لأنّه يُعيد قراءة نموذج تراثي هام في حياة المغاربة وله صلة بتاريخهم الضارب في القدم. إذْ تُجسّد الفروسية مختلف المراحل التي تمُر بها الحرب، إذْ تُبرز في أشكالها التعبيرية المختلفة موقع القوّة التي تتميّز به بعض القبائل.
وتعد دار النشر « لغات الجنوب » دار إنتاج ونشر مغربية معروفة بإصداراتها وانتاجاتها متعددة الوسائط التي تثمن التراث الثقافي والتاريخي والاجتماعي للقارة بشكل عام، والمغرب بشكل خاص. بينما تعتبر الشركة الملكية لتشجيع الفرس مقاولة عمومية تأسست سنة 2003 تحت إشراف وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وتضطلع بمهام توجيه التربية وتحسين سلالات الخيول في المرابط الوطنية، وتنظيم سباقات الخيول في الحلبات وإدارة الألعاب الفروسية وإنجاز واستغلال البنية التحتية للفروسية.