تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يفتح مفهوم الجسد على مدارات التفكير ويجعل الموضوع يخرج من اللامفكّر فيه، صوب نوع من التفكير المجرّد الذي يعطي للموروث الشعبي قيمته ومكانته داخل التفكير. إذْ نادراً ما نعثر اليوم على مؤلفات تحتفي بالرأسمال الشعبي وتجعل منه موضوعاً أثيراً للنقد والفكر.
وهذا الغياب نابع من كون الجامعات، لا تهتم بمختف هذه الأشكال الفنية التعبيرية التي تلعب دوراً كبيراً في تقديم الموروث الفني الغني الذي برز على هامش المجتمعات والذي يساهم بكيفية خفية في إعطاء الشرعية لهذا الموروث وجعله حيوياً وقريباً من الناس ويومياتهم. لذلك فإنّ الحرص على إعادة تمثل هذه التعبيرات الفنية الشعبية من شأنه أن يعطي للنقد المسرحي نفساً جديداً يجعله يخرج القاعات المسرحية ويفتح لنفسه أفقاً مغايراً داخل الفضاءات العمومية.
لذلك، فإنّ التفكير في اصدار مؤلف يحتفي بمفهوم الجسد يتماشى مع مفهوم الحداثة وما ينبغي أنْ تكون عليه الممارسات الثقافية اليوم أمام التقليد الذي أصبح يطبعها. سيما وأنّ التفكير في الجسد يعد مطلباً حقيقياً لفهم طبيعة المرحلة التي نعيشها والتي تدفعنا إلى التفكير في يومياتها على أساس أن التفكير في الجسد يعد مكونا من مكونتها.




