وتأتي أهمية الندوة في كونها تطرق موضوعاً قلّما حظي بالفحص والقراءة والتأمّل والنقد، خاصّة حين يتعلّق الأمر بظاهرة غنائيةٍ في حجم تكدة، وما رافقها من خطاب غنائي مُغاير في مُنطلقاته ومرجعياته وتجلياته خلال فتراتٍ متقطعة من تاريخ المغرب المعاصر، وما رافق الفرقة من جدل فكري حول ثنائية الأصالة والمعاصرة، بين التشبّث بالهويّة الموسيقيّة المغربيّة والخروج من بوثقتها في آنٍ واحد.
ورغم السياق التاريخي الذي نشأت وترعرعت فيه تكادة إلاّ أنّ أغانيها ظلّت تحتكم إلى المرجعية الجماليّة، ولم تسقط في أيّ نمطٍ إيديولوجي كما هو الحال مع المدرسة الغيوانية. ولا شكّ أنّ في هذا الأمر، ما جعلها تستمرّ داخل الساحة المغربيّة. وعلى الرغم من تراجع هذا النّمط من الغناء الشعبي، أمام ظهور ألوانٍ موسيقيّة جديدة، إلاّ أنّه ما يزال حاضراً في أذهان المغاربة ويرنون إليه، كلّما ضاقت بهم فُسحة الاستماع إلى بعض أغاني البوب وما يُرافقها من عطبٍ وتصدّع.
بل إنّ عمق الفرقة قادها إلى اقتحام عتبة المسرح وتقديم مسرحياتٍ تراثية مُستمدّة من البيئة المغربيّة وأحوالها، تُوازي في إبداعها بين المسرح والغناء، وهي تجربة هامّة ومُؤسّسة في المَشهد الفنّي المغرب، تعُد نُعاين نماذجها داخل المسرح المعاصر، رغم أنّ براديغم المسرح المعاصر يدعو إلى هذا الانفتاح والمزج بين الرقص والغناء داخل التجربة المعاصرة.
ويشارك في الندوة كل من حسن حبيبي بـ«مجموعة تكادة: من المسرح الغنائي إلى الغناء المسرحي» والحبيب ناصري بـ«خصائص الغناء الشعبي لمجموعة تكادة» وعبد الله لوغشيت بـ«السر في استمرارية تكدة، المرجعية، التدبير والتنوّع» وبتنسيق من طرف الأستاذ مصطفى الدخوش. هذا بالإضافة إلى تنظيم معرضٍ للوثائق والصُوَر، يُوثّق لـ50 سنة من العطاء ويُؤرّخ للحركة الفنية والمسرحية للمجموعة.