يأتي هذا اللقاء الأدبي من أجل تسليط الضوء على خصوصية التجربة الشعرية عند رشيد نيني والإمكانات التخييلية التي تحبل بها. إذْ رغم انهماك نيني في عالم الصحافة والإعلام، إلاّ أنّه ظلّ حريصاً على تقديم تجربته الشعرية وتأصيلها من الداخل. بحيث تُطالعنا كلّ قصيدة وكأنّها مختبر بصري قادرٍ على إنتاج جملة صُوَر شعرية باقية في الذاكرة والوجدان. وحتّى حين يكتب نيني عموده الصحفي اليومي، فإنّ الذات الشاعرة هنا تُحوّل اللغة الصحفية التقريرية إلى هواء نازلٌ من نبعٍ مجهول، حيث اللغة الشعرية تؤسّس لنفسها مكانة داخل عنصر الخطاب. فحين يكتب صاحب « يوميات مهاجر سري » فهو ينقل تراثه الشعري ويجعله مؤثّراً في خصوصيات اللغة الصحفية التي لا تقبل المجازات والتشبيهات والاستعارات حسب العُرف المغربي. وفق هذا المنزع الثقافي تخلق كتاباته نوعاً من « التهوية » بالنسبة للقارئ حيث يتخلّص العقل من سُلطته الرقابية على مفهوم الكتابة ويصبح الجسد أداة للتفكير في قضايا وإشكالات الواقع.
يقدّم هذا اللقاء الشاعر ورئيس مؤسسة بيت الشعر مراد القادري، بحيث سيتمكّن القارئ من التعرّف عن كثب عن رشيد نيني الشاعر وليس الصحفي وفهم طبيعة العلاقة الثقافية التي يُمكن أنْ تُنتسج بين الشاعر والصحفي. وإذا تتبعنا مسار الثقافة العربية سنجد العديد من الأمثلة لعددٍ من الشعراء الكبار الذين اشتغلوا في الصحافة وجعلوا منها مهنة يومية. والحقيقة أنّ الشاعر حين يذهب إلى عالم الصحافة، فإنّ ذلك يظهر بقوّة في تعامله مع مفهوم اللغة، كما أنّ الشاعر بحكم وعيه الثقافي الكبير بتحولات المجتمع، غالباً ما يكون له رأيه الخاصّ في جملة من القضايا الاجتماعية والسياسية منها التي تطال المجتمع المغربي.