الكاتب والإعلامي جمال بدومة يتذكّر «سنوات قلم الرصاص»

الكاتب جمال بودومة

في 08/04/2025 على الساعة 07:30

أصدر الكاتب والإعلامي جمال بدومة كتابه الجديد «سنوات قلم الرصاص»، ضمن منشورات دار أكورا للنشر والتوزيع. وهو عبارة عن كتاب سردي يستعيد فيه بدومة مرحلة الطفولة والصبا، عاملاً على تذكّر هذا الماضي بمختلف وقائعه وألوانه.

يقول جمال بدومة في كتابه الذي ارتأى تجنيسه بـ « نوسطالجيا » « منذ قرأت أول كتاب عن حكماء أثينا، رسمت للفيلسوف صورة أحمق يلبس دربالة ويمشي في الشوارع، مردداً كلاماً لا يفهمه الناس أو يفهمونه سنوات بعد موته. كي أجمّل الواقع، أتخيّل أننا نعيش في أثينا والمجانين الذين لا يمكن تصوّر المدينة من دونهم ليسوا سوى سقراط وأفلاطون وأرسطو، كما تدل على ذلك ملابسهم وسحناتهم وكلماتهم المبهمة. في الشتاء تسقط الثلوج وتلبس رداءً أبيض. الدموع تنزل تلقائياً حين يلفحنا هواء الصباح الجارح، ثم تتجمّد على الخدود كما تجمّدت دمعة الأمير السعيد في أحد نصوص قراءاتي، التسمية التي كان يحملها المقرر الدراسي في تلك السنوات الجليدية. أصابعنا الصغيرة تتجمّد من شدة البرد، تصير زرقاء وتنبت عليها نتوءات غريبة، من المستحيل أن تطوي أصابعك، لا تستطيع حتى إمساك القلم كي تكتب. المعلم يلف جثته في جلبابين فوقهما سلهام ثقيل، وينفخ في يديه كي تدبّ فيها الحركة، في انتظار أن يشعل كبار التلاميذ المدفأة ».

ينتمي جمال بدومة إلى الوجوه الأدبيّة التي استطاعت أنْ تزاوج بين الإعلام والأدب، إذْ رغم صعوبة المهنة ويومياتها، ظلّ « صاحب ملاك يتعلّم الطيران » يكتب الأدب ويمارس معه نوعاً من الفتنة التي تقوده إلى البحث عن المنسي في طفولته وإعادة استعادتها بكل أفراحها وجراحها وأحزانها. إنّ الكتابة هنا ليس متنفساً بالنسبة للكاتب، بقدر ما تمثل قلقاً دائماً حمله بدومة معه من المغرب صوب فرنسا حيث يعيش هنا ويكتب بلغته الأم. تبرز قيمة هذا الكتابة في كونه يعطي للكاتب فسحة من التأمّل في ماضيه وطفولته ومحاولة استعادة بريقٍ مرّ بسرعة ولم يعُد موجوداً. هذا البريق هو طفولة المرء التي بقدر ما تنأى عنه حين يكون شاباً، تعود في صورة أو نوسطالجيا لما يكبر، بل كلّما تقدّم في العمر ثمّة خيطٌ مضيء يُعيده إلى أجداده وجذوره بكيفيات مختلفة من التذكّر والعيش.

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 08/04/2025 على الساعة 07:30