حرص لغتيري على مدار سنوات أنْ يجعل من الكتابة مسكناً وجودياً له، فهو ينتمي إلى جيل طالما آمن بقوّة الأدب في تغيير مجريات الواقع وفتح منافذ جديدة لا مفكّر فيها. من ثمّ، تأتي كتاباته في كونها شهادة حيّة عن واقع مغربي متبدّل. وتتميّز روايات لغتيري بطابعها البسيط من ناحية القراءة، لكنّها سرعان ما تشتبك بعمق مع قضايا وإشكالات ذات صلة بالواقع. إنّ اللغة في كتاباته تخفي أكثر مما تُظهر وذلك لكونها لغة لا تُقدّم متخيّلها عبر الخطاب وإنّما من خلال صورها المؤثرة في الذاكرة والوجدان. يحوّل مصطفى لغتيري فعل الكتابة إلى مختبر تجريبي تتواشج فيه الأجناس الأدبية وتمحي حدودها حتّى تصبح الكتابة أشبه بالنهر الذي تلتقي فيه الأجناس والمعارف والأفكار. وإذا كان الشعر في نظر لغتيري قادراً على تملّك ذائقة القارئ في أمور تتعلّق بالعاطفة والإحساس، فإنّ الرواية تهدم العالم وتُعيد بناءه من جديد بكلّ موضوعاته وشخصياته، لذلك فهي أقرب إلى التقاط نتوءات الواقع أكثر من الأجناس الأدبيّة الأخرى.
وتتوزّع كتابات بين القصة والشعر والرواية والمسرح والنقد وأدب الرحلة. وهو تعدد يرجع أساساً إلى روحه المتنوعة في استشكال أحاسيس ومشاعر وقصص وحكايات وقصايا وإشكالات عبر أجناس أدبيّة متباينة يعمل عبرها لغتيري على تفكيك خيوطها وإعادة بنائها بطريقة واعية تستجيب لذائقته ووجدانه.