يأتي هذا الاحتفاء بمحمّد العيادي في كونه واحداً من الباحثين في التاريخ المعاصر، ممّن قدّموا مقاربات مُضيئة في تاريخ المغرب، سواءٌ في السياسة أو المجتمع. وحرص العيادي على مدار سنوات من اشتغاله الأكاديمي على تجديد الخطاب التاريخي والاهتمام بقضايا غير مفكّر فيها في تاريخ المغرب. ويسعى العيادي في كتاباته إلى محاولة ملامسة التقاطعات في المجتمع والسياسة، إذْ يحرص عبر هذا البراديغم على تنويع موضوعاته والغوص في عوالم لا مفكّر فيها والتي تكون في الغالب ذات صلة بالتاريخ الوسيط ونظيرتها المعاصر. إنّ الوعي بتجديد الكتابة التاريخيّة لدى العيادي يظلّ كبيراً ويبدو بارزاً في عدد من مؤلفاته الأكاديمية.
منح مكتبة الراحل يدخل ضمن سياسة الاعتراف وكرم العطاء حتّى تستفيد الأجيال القادمة من كتاب وباحثين من مكتبة الأستاذ محمد العيادي، بما يُتيح للقارء الاستفادة من مؤلفات ربما قد يكون من الصعوبة الحصول عليها، وثانياً أنّ هذا الإهداء سيُتيح للرجل أنْ يعيش حياة ثانية في قلوب القراء والباحثين وهم يتشاركون معه نفس الكتب والاهتمامات ذات الصلة بالتاريخ المعاصر.
ولد محمد العيادي سنة 1948. بعد حصوله على الإجازة في الفلسفة بكلية الآداب من جامعة محمد الخامس، أعدّ دكتوراه السلك الثالث في العلوم الاجتماعية تحت إشراف محمد أركون بجامعة السوربون الجديدة سنة 1983 ثم دكتوراه الدولة في التاريخ والعلوم السياسية بجامعة دونيس ديدرو(باريس 7) تحت إشراف رولي غاليسو. اشتغل العيادي بالتدريس في الثانوي وبالمدرسة العليا للأساتذة بالدارالبيضاء ثم في الجامعة حيث عمل أستاذاً للتاريخ المعاصر. واشتغل عضواً نشطاً في العديد من المراكز والدوائر العلمية مثل المركز المغربي للعلوم الاجتماعية والجمعية المغربية للبحث التاريخي وغيرها.
هذا بالإضافة إلى الإشراف على العديد من الرسائل الجامعية والتنسيق والمشاركة في الملتقيات العلمية المحلية والدولية، أنجز محمد العيادي مجموعة من الأبحاث السوسيولوجية الميدانية، كما نشر العديد من الأبحاث الاجتماعية والتاريخية، آخرها مساهمته في المؤلّف الجماعي « تاريخ المغرب: تحيين وتركيب ».