ربورتاج: المصنوعات الجلدية التقليدية ببوجدور.. فنٌّ وُلِد في الخيام ثم غزا المنازل

من مجمع الصناعة التقليدية، بمدينة بوجدور

في 21/04/2025 على الساعة 08:00

تفرض صناعة الجلد نفسها كجزء من الصناعات التقليدية بالمجتمع الحساني، جنوب المملكة المغربية، رغم التحولات والتغيرات والتكنولوجيا التي تهدد الطبيعية البدوية، بصفتها صناعة احترفتها نساء الصحراءـ اللواتي صنعن منها كل الديكورات والأكسسوارات المنزلية وغيرها، واتخذن منها مهنة مدرة للدخل وحقلا يمارسن فيه ميولاتهن الفنية والإبداعية.

ولتقريب متابعي Le360 من هذا المجال الإبداعي، انتقلنا إلى إحدى الورشات النسائية النشيطة بمدينة بوجدور، حيث تعمل كل من المگبولة لفقير وافيليحة أعمر حداد، رئيسة تعاونية زين الشغل للمصنوعات الجلدية، هناك في أحد أجنحة مجمع الصناعة التقليدية ببوجدور.

وتحدثت رئيسة التعاونية عن اهتمام المرأة الصحراوية بالمصنوعات الجلدية، مشيرة إلى أنه نابع عن كونها سيدة للبيت، مما فرض عليها تزيين البيت أو الخيمة قديما بـ«أليويش»، وهي كلمة تعني السجاد المصنوع من جلد الأغنام أو الماعز، والذي يضعه أهل الصحراء في مركز الخيمة أو الصالون حديثا، أو يجلس عليه مُعدّ الشاي خلال الجلسة أو للصلاة، وقد يستعمل أيضا كمكان مخصص لشيخ القبيلة أو رب الأسرة.

وأضافت رئيسة التعاونية، التي سبق لها أن مثلت المملكة في العديد من التظاهرات الثقافية والمعارض الدولية، (أضافت) أن المرأة الصانعة التقليدية تستعمل الجلود أيضا في صناعة «آسراما» كوسائد من الجلد بشتى أشكالها التي قد تتخذ شكلا مربعا أو مستطيلا أو دائريا أو مثلثا بحسب رغبة الزبون الذي بدوره قد يتخذها لخيمته في البادية أو لصالونه المنزلي بالمدينة إرضاء لضيوف له قد لا تغريهم الحياة المدنية أو العصرية أو حتى كديكور وأكسسوار لتزيين السيارة من الداخل أو حاملة المفاتيح الجلدية التي عادة ما ترافق الدراعة كلباس للرجل الصحراوي أو كغشاء للصناديق والشواهد التقديرية أو لوحة فنية يرسم عليها فنان ما أو يكتب عليها قصيدة ما في إطار فن الخط العربي.

وفي ما يخص صباغة الجلود أو زخرفتها، فقد تبنت الصانعة التقليدية خمسة ألوان لمنتوجاتها الجلدية، وهي اللون الأحمر والأصفر والأخضر والأسود والبنفسجي أو ما تسميهن في الحسانية بـ«السماوية»، منوهة بأن هذه الألوان تصنع في مدينة مراكش -بحكم تخصص أهلها في هذا المجال- على شكل مسحوق قبل أن تدخل الريشة أو «الخطاطة النحاسية» لخلط الألوان، والتي كان لها الفضل العميم في تغليف صندوق من الخشب بجلد مزخرف تفتخر به افيليحة أعمر حداد كمنتوج فني قالت إنه كان عنوان الطابع البريدي لمناسبة الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء المظفرة.

جدير بالذكر أن الإنسان بصفة عامة قد ارتبط واقترن بالجلد الذي يقيه البرد رحلة الشتاء والبرد والخريف حيث صنع منه اللباس والأحذية والدروع والسروج والحقائب، قبل أن تضفي عليه الصانعة التقليدية لمساتها الفنية على شكل خطوط، لتحوله إلى لوحات فنية لم تخل منها خيمة صحراوية ولا بيت ولا فيلا في الصحراء، سواء على الحيطان أو ضمن الديكورات الفنية التي تضفي على البيوت جمالية ورونقا يوحي بالطاقة الإيجابية.


تحرير من طرف حمدي يارى
في 21/04/2025 على الساعة 08:00