يُعدّ صاحب مسرحية « ما تبقى لكم » من التجارب الفنية الهامّة التي تحرص من خلال أعمالها الفنية على تقديم أفق جديدٍ للحياة المسرحية، إخراجاً وتأليفاً ونقداً وتدريساً. إذْ رغم الاختلاف الذي يطبع هذه المجالات من ناحية التفكير، إلاّ أنّ الهواس يُجيد التقاط الأسس المعرفي الذي يُظلّلها، فيعمل من ثم على تفجير الموضوع إلى أسئلة وقضايا وإشكالات. ويرجع هذا الاهتمام بالنقد، رغم كونه مخرجاً إلى تعدّد معرفي يطبع ذاته في علاقته بالمعرفة. ذلك إنّ الهواس ظلّ دائماً يعيش وسط المثقفين ويحرص على تقديم محتوى مُلتزم وعالم من ناحية مرجعياته الثقافيّة وخصوصياته الفنية، إذْ أن مسرحياته تأخذ دائماً بعداً سجالياً يمتحن الواقع ويكشف خيباته ومآزقه وتصدّعات.
تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يطرق موضوعاً قلّما نعثر عليه داخل المؤلّفات المسرحية، إذْ رغم أهميته كعنصر جمالي مؤثر في العرض المسرحي، إلاّ أنّه يظلّ بمنأى عن الاهتمام من لدن الباحثين. فغالبا ما تنصبّ الدراسات النقدية على موضوع والشكل المسرحي، لكنّها تنسى التقاط شعرية السينوغرافيا وكيف يتحرّك الفضاء ليُعطي للنصّ المسرحي أفقاً بصرياً مغايراً. تقول الجهة الناشرة لهذه الدراسات النقدية بأنّ الهواس « يركز الهواس على أهمية استكشاف العلاقة بين الفنون التشكيلية والمسرح من خلال منظور السينوغرافيا. فهناك جدل دائم بينهما، وتسعى الفنون التشكيلية باستمرار إلى تجديد وسائل تعبيرها لتعزيز قدرتها على إيصال المعنى. ويبرز هنا دور السينوغرافيا وما يحيط بها من مميزات، ومنها قدرتها على التكيف، وتنظيم الفضاء بين المؤدي والجمهور، وتصور هندسة المسرح، وابتكار مجالات أداء تستوعب عناصر بصرية وسمعية متعددة. من خلال عملية امتزاج هذه اللغات الفنية المختلفة، تصوغ السينوغرافيا رسالتها الدرامية، لتخلق سردًا متعدد الأوجه يتجاوز قيود النص الأدبي البحت ».