ومن المنتظر أن يُشارك في الدورة نخبة من الأساتذة الجامعيين والشعراء للتفكير ومقاربة ثنائية أو علاقة الشعر بالتاريخ من خلال مجموعة من المحاور مثل: التاريخ والخيال: علاقة المؤرّخ بالشعر، الشعر والتاريخ: قضايا نظرية ونقدية، الشعر والتاريخ: مقاربات نصّية. وقد جاء هذا الاختيار المعرفي، بحكم ما يلعبه الشعر من دور حيويّ على مُستوى التلاقي والتقاطع مع أجناس أدبيّة أخرى. في وقتٍ يُكسّر في الطرفان هذه الرؤية القاصرة على الأجناس الأدبيّة والفنّية من خلال المساءلة على ضوء مختبرات العلوم الإنسانية والاجتماعية.
لا سيما وأنّ تشريح أفق هذه العلاقة ليس سهلاً، بل تتحكّم في مُنطلقاته ضوابط فكريّة هامّة قد تحول دون رصدها، في حالة ما لم يكُن المؤرّخ عارفاً بخبايا الشعر ومُتخيّله. لهذا ارتأت الجهة المُنظمة أن يكون اللقاء مُتعدّد المشارب الفكريّة والإبداعية، بعدما اتفقت الجهة على تكريم الشاعر المغربي محمّد بودويك، أحد أبرز أسماء الجيل الثالث (الثمانينيات) من المشهد الشعري المعاصر.
وحسب بيت الشعر، فإنّه سيتمّ لاحقاً نشر البرنامج المفصّل لهذه الدورة الأكاديميّة التي « تأتي في سياق المقاربة التشاركية التي تنهجها كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس في تعزيز انفتاحها على المُحيط الثقافي والأدبي والفكري ».
تجدر الإشارة إلى أنّه على مُستوى المعرفي، تعود إمكانية الحديث عن علاقة التاريخ بالأدب إلى الدور الهامّ الذي لعبته مدرسة الحوليات مع كل من لوسيان فيبر ومارك بلوك وفرناند بروديل في التأسيس لكتابة تاريخيّة جديدة، تتجاوز في أفقها الفكريّ مفهوم الوثائق المادّية التي تأسست عليها أفكار المدرسة المنهجية مع كلّ من لانغوا وسينيوبوس، من خلال جعل مفهوم الوثيقة يتشّعب وينفتح معه التاريخ على علوم أخرى تُساعده على سد بعض الثغرات التي تُعاني منها الكتابة التاريخيّة المعاصرة، في سبيل الابتعاد عن التاريخين السياسي والعسكري اللذين كرّستهما المدرسة المنهجية أو الوضعية.
