تأتي قيمة هذا الفيلم في كونه يُعدّ أحد أبرز الأفلام الروائية الطويلة عند حكيم بلعباس والذي حظي بمكانة رفيعة عند النقاد. فهو من الأفلام التي يستطيع المرء مشاهدتها باستمرار، بحكم ما تمنحه من أفق بالنسبة للمُشاهد، إذْ تدفعه دائماً إلى التفكير في الواقع الذي ينتمي إليه. كما أنّ مجمل أفلام بلعباس تراهن على هذا النوع من السينما التي تختبر حدود الواقع وتسعى جاهدة إلى التعامل معه كمادة قابلة للتفكير. لذلك يجد معظم الباحثين في أفلامه أفقاً مغايراً لما ينبغي أنْ تكون عليه السينما المغربية، أمام الإبدالات الفنّية التي بات يعرفها هذا الفنّ في العالم. إنّ أفلام بلعباس تُفكّر أكثر من كونها تُقدّم الواقع في الفيلم. لذلك طالما مثّلت أفلام بلعباس أفقاً كبيراً للسينما المغربي، فهي أفلام تنقلنا إلى مرحلة لاحقة من المتعة السينيفيلية، إنّها تدفعنا إلى التفكير معها في الواقع ورصد خيباته.
فاز فيلم « عرق الشتا » بالجائزة الكبرى لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان طنجة السينمائي في دورته الـ 18. ومنذ تلك اللحظة ما يزال الفيلم يبحث عن مشاهدين جدد. على هذا الأساس، يعتبر بلعباس من الوجوه السينمائية الكبيرة التي تحرص دائماً على تقديم صور سينمائية مختلفة تحفر عميقاً في الذاتية الفردية وتحاول عبرها أنْ تبني أفقاً سينمائياً مغايراً عارفاً بالقضايا والإشكالات التي تطال الواقع المغربي. إنّ السينما عند صاحب « لو كانو يطيحو لحيوط » عبارة عن مختبر بصري للتفكير عبر حكايات رمزية متخيلة، لكنّها تجد سندها في الواقع.




