تأتي قيمة هذا الإصدار الجماعي في كونه يفتح نقاشاً معرفياً كبيراً حول مفهوم الفلسفة وقيمتها ودورها في زمن تتكاثر فيه التفاهة وتتأصّل فيه اليقينيات السطحية المميتة، إذْ يبدو البشر اليوم في حاجة إلى الفلسفة أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وذلك لأنّها تُعلّم الناس كيف يعيشون ويفكّرون في قضايا تتّصل بالجسد والسياسة والأخلاق والفن والهوية وغيرها من المفاهيم ذات الصلة بالفضاء العمومي. إنّها عبارة عن ترياق يُحرّر المجتمعات من الموت السريري الذي قد يصيبها في لحظات الانغلاق التي تطبع المجتمعات العربية في سبيل التحرّر. بهذه الطريقة يعيد الكتاب سؤالاً كلاسيكياً في تاريخ الفكر والمرتبط حصراً بماهية الفلسفة وقيمتها والإمكانات التي تحبل بها كنمط تفكير قادرٍ على إخراج الناس التفكير المُنحطّ الذي يُساهم في إنتاج البلاهة ويُكرّس التفاهة داخل فضاءاتنا العمومية.
يقول الدكتور سعيد ناشيد في تقديمه للكتاب « الفلسفة مواجهة مفتوحة ضد الوهم الذي يلازم العقل، ضد الشقاء الذي يلازم الحياة وضد العنف الذي يلازم الحياة المشتركة. في هذه المواجهة لن يكون هناك من نصر نهائي، لن يصل الإنسان إلى لحظة الحقيقة والسعادة والسلام. هنا تكمن حدود رهانات الفلسفة. لكننا نستطيع على الدوام تحسين شروط المقاومة، أي تقليص دائرة الوهم والشقاء والعنف. هنا بالذات تكمن عظمة الرهان على الفلسفة ».