استطاع إدريس الروخ في السنوات الأخيرة أنْ يحتلّ مكانة مميّزة داخل المَشهد الفني بسبب غزارة إنتاجه الفني بين النقد المسرحي والتمثيل والإخراج السينمائي فضلاً عن روايته الجديدة التي صدرت مؤخّراً. بل إنّ المُتابع لسيرة صاحب « جرادة مالحة » سيفطن إلى التعدّد الفني الذي يعيشه الرجل في ذاته بين الكتابة والأداء. وهذا الأمر، قد يعتبره بعض الفنانين غير جدير بالاهتمام، لكنّه في عمقه أصيلٌ، لأنّه يُبلور مفهوماً مغايراً للفنان والطريقة التي ينبغي أنْ يكون عليه. ورغم هذا التعدّد الفني، حرص الروخ على الاشتغال بشكل مثير على أعماله سواء التلفزيونية أو السينمائية. إنّه تعدّد يُضمر شعفاً وقدرة على الإمساك بالذائقة الإبداعية وتوجيهها صوب قضايا وإشكالات ذات صلة بالمجتمع المغربي وشجونه.
قدّم إدريس الروخ في السنوات الأخيرة متناً فنياً مغايراً يُظهر بعمق المكانة الاعتبارية التي يتنزّلها الروخ داخل الفن المغربي. ورغم أنّه جاء متأخّراً للإخراج السينمائي، إلاّ أنّ فيلمه الأخير « جرادة مالحة » ترك انطباعاً قوياً وأثراً طيّباً داخل الساحة الفنّية، بحكم الإمكانات الجمالية التي يحبل بها الفيلم على مستوى الكتابة والتصوير. لكنْ إلى جانب هذه التجربة الفنية المُتّصلة بالتلفزيون والسينما والمسرح، ظهر الروخ مؤخّراً بعمل روائي يُحاول فيه توسيع أفق الحكاية والقبض عن ملامحها داخل خطاب أدبي قد يُتيح له إمكانات أخرى للتعبير، بعيداً هذه المرّة عن السينما ومُتخيّلها.