يعتبر الطريبق واحداً من الأسماء المغربية التي قدّمت الكثير للسينما المغربية. ذلك إنّ أسلوبه واضح المعالم والرؤى ويتأسّس دائمة على نمطٍ من الصُوَر السينمائية العالمة المفخّخة التي تُضمر تفكيراً ونقداً حاداً للأوضاع السياسية الاجتماعية التي تطال المغرب. إذْ تبدو مشاهد الطريبق في البداية وكأنّها نابعة سراديب جسده وآلامه وأحلامه وطفولته، لكنّها سرعان ما تتشابك مع القضايا الكبرى وتتماهى مع وضعيات الأفراد داخل المجتمع. ويتميّز الشريف الطريبق في كونه يمزج في تجربته الفنية بين السينما والتلفزيون والمسرح والكتابة.
فهذا التعدّد الذي يعيشه الفنان في ذاته يعطيه إمكانات مذهلة للتفكير في قضايا وإشكالات متنوعة ويبحث لها عن أسلوب سينمائي مختلف. ومنذ فيلمه « زمن الرفاق » لفت الطريبق انتباه النقاد والمنتجين والجمهور إلى موهبته الفنّية المذهلة في اختيار أفلام قريبة من ذاته ومواقفه وأحلامه. إنّ الذات عنصرٌ أساسي في سينما الطريبق، ذلك إنّها تُشكّل منطلقاً أساسياً في كتابة واجتراح صور واقعيّة يمزج المخرج عناصرها بين السيرة والتخييل.
في هذا الفيلم المُتوّج حديثاً والمُصوّر منذ 5 سنوات، يواصل الشريف الطريبق على مشروعه السينمائي عبر طرق قصص وحكايات مقتبسة من سيرته وحياته. وذلك وفق نمطٍ سينمائي مركب تلعب فيها الصورة دورا كبيراً في عملية الفهم. رغم أنّ سيناريوهات الطريبق تبقى مدهشة في كتابتها وقوية في منطلقاتها وواعية في بلورة تصوّر جديد بين النصّ والصورة.
ويتمتّع صاحب «زمن الرفاق» بمنزلة خاصّة عند نقاد السينما بسبب الإبدالات الفنية والجماليّة التي تُميّز تجربته السينمائية. إذْ يحاول في كلّ فيلمٍ له طرح العديد من القضايا المركزية التي تشغل المجتمع المغربي ويعمل عبرها على بناء سرد بصري تخييلي، بقدر ما يتطابق مع الواقع ينأى عنه في آنٍ واحد.
