في الرواية التي سبق نشرها عن دار « نقوش عربية » يُحاول المصباحي تكريس اسمه كواحد من الأدباء العرب في الفترة الراهنة ممّن تميّزت كتاباتهم بإبدالات هامّة على مُستوى الشكل. ذلك إنّ قيمته تبدو كبيرة داخل المنجز الأدبي، سيما حين يعلّق الأمر بأدب الهامش الذي استطاع فيه حسونة المصباحي أنْ ينحت اسمه كواحدٍ من الأسماء الأدبية الحريصة على خرق المألوف داخل النصّ الأدبي، بحكم أنّ رواياته تخرق الحدود القائمة بين الأجناس الأدبيّة، بحكم أنّ كتاباته تتميز بتلقائية على مُستوى السرد، كتابة لا ترهن نفسها بالحبكة الروائية ولا خصائصها الجماليّة، بقدر ما يجعل النصّ يتدفّق مثل شلال غامر بالرموز والعلامات والفضاءات والشخصيات والروائح والأصوات. هذا النوع من الكتابة اشتهر به حسونة المصباحي واستطاع على امتداد زمنٍ طويلٍ أنْ يطبع سيرته، لدرجةٍ يبدو فيها صاحب « جون بنت عمي هنية » وكأنه يكتب سيرة الذاتية المُقسّمة إلى روايات كثيرة.
يقول المصباحي في الرواية « هناك أحداث حاسمة كثيرة في حياتي، غير أنّي أوجز كلّ هذا في أنّي خُلقت لطرح الأسئلة، ورفض الأجوبة الجاهزة، وإعادة التشكيك في المسلّمات، وفيما هو قائم، ومُسلّم به. وهذه ظاهرة مهمّة حاولت أن أعطيها بعداً عملياً من خلال منابر فيها يتمكّن الكاتب من أن يثبت وجوده، ويكتشف طريقه. وقد كلفني عملي هذا ثمناً باهظاً: عداوات، وخصومات، كما أنّه أوجد لي أصدقاء أعتز بهم وبي يعتزون. باختصار أقول بأنب أمضيت الشطر الأكبر من حياتي وأنا على الساحة أقاتل وهذا ليس أمراً سهلاً. وأنا في ما بيني وبين نفسي أتساءل أحياناً: كيف قدرت أن أصمد كل هذا الوقت ولعلّ الثقة التي أمتلكها بخصوص ما أقوم به، وأيضاً حبّ كلّ الناس المجهولين هما اللذان منحاني قوّة المجابهة والمواجهة الدائمة ».