بمناسبة صدور الطبعة الثانية من روايته الشهيرة « زوجة الملوك الثلاثة » كان لنا معه هذا الحوار الخاصّ:
أوّلاً، ما الذي تقوله لنا عن هذه الرواية؟
تستمد رواية « زوجة الملوك الثلاثة » قوتها من الشخصية التاريخية، التي تستدعيها وتوظفها في متنها الحكائي، وهي شخصية زينب النفزاوية التي لا يعرف عنها الناس إلا النزر القليل، فجاءت هذه الرواية لتعيد بناء شخصيتها، انطلاقا من المعلومات التاريخية القليلة المتوفرة، وهي امرأة كان لها نفوذ كبير في الدولة المرابطية، التي حكمت المغرب، وامتد نفوذها حتى الأندلس شمالاً وتونس شرقاً وجنوب الصحراء الكبرى جنوبا. فكان الهدف من الرواية إبراز الدور المحوري القوي الذي ساهمت به المرأة في بناء الدولة وفي تمددها وازدهارها.
إلى أيّ حدّ يُمكن للتاريخ أنْ يغدو أفقاً للتخييل الأدبي؟
رغم الاختلاف البيّن ببن الأدب والتاريخ خاصة على مستوى منهج كل منهما، إلا أنهما يستفيدان من بعض بشكل كبير، فالأدب يستفيد من التاريخ، وذلك من خلال استدعاء بعض الشخصيات والأحداث التاريخية ومحاولة إعادة تقديمها بنفس روائي يراعي الجانب الفني والجمالي، دون التضحية طبعا بالبعد التوثيقي والعلمي احيانا، والتاريخ يستفيد كذلك من الأدب ومن الرواية تحديدا، لأنها تلفت الانتباه إلى بعض أحداثه وشخصياته وتسلط عليها الأضواء الكاشفة، كما أن التاريخ اعتمد على الأدب كثيرا في بناء صورة ولو تقريبية عن فترة تاريخية معينة أو شخصيات بعينها. ويمكن اعتبار الأوديسا والإليادة نموذجا لذلك، وبالتالي فالاستفادة متبادلة.
ما مدى حدود التقاطع والتلاقي بين التاريخ والأدب؟
تتمتع الرواية بمرونة كبيرة وبقابلية واضحة لهضم شتى المعارف، منها التاريخ والفلسفة مثلا، وحتى العلوم الدقيقة بالنسبة لروايات الخيال العلمي مثلا، لذا فلا غرابة ان تسعى الرواية جاهدة للقيام بدور توثيقي ولو بشكل غير مباشر، رغم أن هدفها بالدرجة الأولى فني وجمالي، فعندما يريد المؤرخ كتابة تاريخ السجون على سبيل المثال لا الحصر، فلا اظن انه سيستغني عن الروايات، التي كتبت في هذا المجال، ولو باعتبارها شهادات، خاصة وأن التاريخ-كما يعلم الجمبع- يعتمد على الشهادة الشفوية والشهادة المكتوبة في بناء مادته، وهناك امثلة كثيرة تعز عن الحصر، فكثير من المؤرخون تسعفهم النصوص الروائية لاستقاء المعلومة التاريخية ولو من باب الاستئناس.