تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يتناول واحدا من المفاهيم المركزية داخل مجال البحث الاجتماعي، إذْ تسعى من خلاله سعدون إلى تفكيك أوصاله ومحاولة البحث له عن شرعية علمية داخل مجال البحث النسوي الذي أخذت مفاهيمه ونظرياته تحتل مكانة بارزة داخل المشهد الفكري وذلك من خلال مجموعة من الطروحات الفكرية المؤثرة في طبيعة المجتمعات المعاصر.
وتمتح هذه الدراسة ملامحها المعرفية من الثقافة الغربية، بحكم ما شهده من طفرة في هذا النمط الفكري الذي خرج من رحم النساء واستطاع أنْ يبلور أفقاً مغايراً داخل المجتمعات الغربية المعاصرة. ويأتي الاهتمام به النسوية في إطار التحولات التي عرفها النظام المعرفي، حيث شعرت النساء بنوع من السيطرة الذكورية في تحليل الوقائع الاجتماعية. لذلك برز الوعي بقوة هذا الفكر داخل الجغرافيا المغربية، باعتباره نمطاً جديداً يحقق نوعاً من الفعالية على المستوى العلمي.
وقد سبق للباحثة جميلة سعدون أن أصدرت السنة الفارطة كتابا بعنوان «النسوية والماركسية: تصالح أو قطيعة » وكان الهدف منه هو خلخلة العلاقة بين مفهومي النسوية والماركسية، من أجل تبيئة هذه العلاقة في الأوساط الماركسية المغربية، وجعلها إحدى رهانات النضال الطبقي التي لا تقبل التأجيل إلى فترة لاحقة بعد تغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية. لكنها هذه السنة « تحط الرحال نحو محطة جديدة تستأنف من خلال بحثها من أجل استكشاف حقول جديدة في البحث النسوي، تستقي مادتها الخام من منظرات نسويات خبرن دهاليز الاضطهاد والمضطهدين في الشمال والجنوب».
