بموجب هذا التكريم الذي حظي به صاحب « سؤال الأخلاق » التقى طه عبد الرحمان بالعاصمة أنقرة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان بعدما تم تتويجه بجائزة رفيعة عن مجمل أعماله الفكرية ذات الخصوصيات الإسلامية. واعتبر عدد من الباحثين أنّ هذا التتويج مستحق بالنّظر إلى سيرة المفكر وإمكاناته اللامتناهية في بلورة فكر عربي « إسلامي » يتميّز بخصوصيات عربية، دون التفكير في استعارة مفاهيم ونظريات غربية. وقد حرص طه عبد الرحمان منذ دراساته الفكرية الأولى أنْ تكون كتاباته مختلفة من حيث التفكير وجعلها كتابة تنظر إلى التاريخ العربي وإلى الأمّة الإسلامية. وهذا الأمر، ساهم في ذيوع كتاباته داخل البلاد العربية، رغم أنّ العديد من الباحثين يعتبرونها دراسات إسلامية أكثرها من كونها فكرية بسبب طابعها الميتافيزيقي. والحقّ أنّ كتاباته الفكريّة تتميّز بترسانة مفاهيمية قوية تمتح مفاهيمها ونظرياتها من العلوم الإنسانية ونظيرتها الاجتماعية، بما يجعلها تقف شامخة داخل الفكر المغربي المعاصر إلى جانب قامات فكرية كبرى مثل عبد الله العروي وعبد الكبير الخطيبي ومحمد عابد الجابري وغيرهم.
اشتهر طه عبد الرحمان في كونه جعل من مفهوم الأخلاق يحتلّ ركيزة قويّة في مشروعه الفكريّ، حتّى أصبح المفهوم عنصراً أساسياً في الحديث عن مفهومه الحداثة. في حين ظلّ مفكرون مغاربة يقاربون الحداثة من منظور غربي متناسين الخصوصيات الإسلامية حين يتعلّق الأمر ببعض المفاهيم المتعلقة بالدين والجسد وغيرهما. يعترف طه عبد الرحمان بكونية مفهوم الحداثة وبقيمتها الرمزيّة، لكنّه يبقيها خاضعة لمفهوم الأخلاق الذي يعتبر عنصراً وجودياً في التنشئة الاجتماعية داخل العالم العربي الإسلامي. ورغم الانتقادات التي تطال مشروع طه عبد الرحمان من لدن دعاة « الحداثة » فإنّ مؤلفاته تحظى بشعبية كبيرة وتُدرّس داخل جامعات ومعاهد وتحظى باهتمام الباحثين من الأجيال الجديدة لما يجدون فيها من قوة ومعنى.