تأتي قيمة هذه المحاضرة في كونها تضع سؤال المعرفة في مقابل الأدب، بحكم العلاقة التي تطبع هذا الأخير بالرأسمال الرمزي، فالمعرفة تغذي الأدب وتساهم إلى حد كبير في تأصيله وجعله أدباً يتوفّر على تجربة حيّة توازي بين المعرفة وما يوجد في الحياة. ويحرص الأشعري بين فينة وأخرى على المشاركة في مثل هذه اللقاءات الثقافية، إيماناً منه بالدور المركزي الذي تلعبه هذه اللقاءات على مستوى في توسيع دائرة النقاش بين الأدباء والباحثين والمثقفين عموماً.
وعلى الرغم من تراجع قيمة النقاش الثقافي في السنوات الأخيرة، إلا أن الأشعري يحرص دائماً على المشاركة في العديد من اللقاءات الثقافية ومحاولة خلق جدل ثقافي يعوّل عليه من الناحية المعرفة، لأن هذا الشكل من التواص الثقافي يظل بمثابة دعامة أساسية لتحقيق العمل الثقافي الحقيقي بعيداً عن ثقافة العزلة وغيرها.
اختيار الأشعري محاضراً، يأتي من قيمة كشاعر وكاتب راكم من الأعمال الأدبية ما يجعله في طليعة الأدباء المغاربة التي قدموا متناً أدبياً مبتكراً، بحيث يحرص محمد الأشعري في كل عمل جديد على الدخول في عملية تجريب أدبي تجعله يحفر عميقاً في الذاكرة الفردية، ممسكاً بتلابيبها وأنفاسها وحريصاً على إعطاء التجربة الأدبية بعداً رمزياً، بقدر ما ينطلق من الذات يتماهى بشكل مركزي مع المتخيل الجمعي.




