حرص ناسور في هذا العمل على استلهام التراث والتعامل لا باعتباره إكسيسواراً وإنّما بمثابة مفهوم جمالي به يظلل سيرة العمل المسرحي. إنّ علاقة ناسور بالتراث قوية ويحرص دائماً على تطويع مفردات الرأسمال التراثي عبر صور ومشاهد تظلّ عالقة في الذاكرة والوجدان. لقد عمل ناسور رفقة فريقه الفني على الاشتغال على النص المسرحي الذي هو في أصل ثمرة إقامة فنية جمعت الفنانين وحاولوا انطلاقاً من هذا الشكل التعبيري « الفيشطة » أنْ ينسجوا علاقة حميمية مع الجمهور. علاقة لا تريد أنْ تُقدّم العمل المسرحي على أساس أنه فرجة للتسلية والهزل، وإنّما كأداة للتفكير في بعض من الموروث الفني المرتبط حصراً بالغناء والرقص.
في هذه المسرحية التي يشارك فيها كل من مريم الزعيمي والسعدية لديب وكمال كاديمي وفريد الركراكي، يقدم ناسور نصاً مسرحيا على الطريقة المعاصرة، فهو لا يروم إلى التراث من أجل أنْ يُضفي طابع « المغربة » على عمله المسرحي، بقدر ما يعمل بشكل خفيّ على تجذيره في بيئته وثقافته وذاكرته، لكنْ والتطلّع بعنفوان في آن واحد، صوب فضاءات مفهوم « المعاصرة » التي تمثل شرطاً جمالياً لأي عرض مسرحي. ولا شكّ أنّ المشاهد لعدد من مسرحيات ناسور من قبيل: « تكنزا قصة تودا » و« نايضة » و« شاطارا » سيتلمّس عن كثب حداثة الفرجة المسرحية وكيف يغدو النص المسرحي ملتحماً بالواقع ومُنفصلاً عنه في آن واحد.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا