يُقدّم اللقاء الدكتور نبيل فازيو بينما يعمل على تسييره الأستاذ إدريس عدار ضمن الفقرات الثقافيّة التي تُنظّمها الشبكة من أجل إخراج الثقافة من مفهومها البرجوازي ومن الفضاءات المُغلقة، صوب الانفتاح على الفضاء العمومي وقضاياه وإشكالاته. وتسعى مثل هذه اللقاءات الشهرية إعطاء السؤال الثقافي حيّزاً كبيراً داخل المجال العام والمُساهمة في تأجيج النقاش الثقافي بين الكُتّاب والأدباء والمفكّرين، على أساس أنّ الثقافة ليست مجرّد إكسيسوار سياسيّ أو مخطّط تنموي، بقدر ما هي عبارة عن مشروع فكري تحرّري يُخرج الناس من براثن الجهل والتقليد.
سيما وأننّا اليوم لم نعُد نتحدّث عن الثقافة بوصفها نمط عيش فقط، وإنّما أيضاً كصناعة تُحقّق رفاهاً اقتصادياً داخل الواقع. وتأتي أهميّة هذا اللقاء في كونه يعطي للناس إمكانية التعرّف على محمّد نور الدين أفاية كواحدٍ من المفكّرين المغاربة الذين قدموا متناً فكرياً مغايراً في موضوعات كثيرة تتّصل بالفضاء العمومي والصورة والسينما والديمقراطية والنهضة وغيرها من المفاهيم التي اشتغل عليها صاحب « صور الوجود » وجعلها من أفقاً للتفكير والتأمّل.
في السنوات الأخيرة، غلب على مؤلّفات الأستاذ أفاية الاهتمام بالصورة، باعتبارها تُشكّل مفهوماً مركزياً في الفكر المعاصر. وقد حرص في العديد من أبحاثه على تفكيك هذا المفهوم بكلّ ما يطرحه من أسئلة. وحرص أفاية على أنْ تكون الصورة السينمائية أحد التجليات المُمكنة لتكثيف القول وتأصيل النّظر في بعض من القضايا والإشكالات ذات الصلة بالواقع. أما كتابه الجديد موضوع اللقاء الثقافي، فإنّه يطرح من خلاله مفهوم الزمن في علاقته بسؤال التقدّم.
يقول أفاية عن هذا الكتاب « يتكوّن من قسمين وعشرة فصول، يتناول القسم الأوّل جملة قضايا تهمّ الزمن والتقدّم وما يواجهه الفكر من حيرة أمام ما نعيشه من تسارع في كلّ مستويات الوجود والحياة، وما ينتج عن هذا التسارع من ضياع واستلاب ونسيان، ومن اهتزاز في العلاقات مع الذات والآخر والمكان والمدينة والثقافة. كما يتناول هذا القسم موضوع التفلسف في السياق العربي وتجليات الفكر الفلسفي الإفريقي المعاصر الذي بدأ عدد من منتجيه يفرضون أسماءهم وأطروحاتهم على أوساط المناقشات الفلسفية العالمية الحالية. وهي تجربة في الفلسفة غائبة عن التداول الفكري في السياق العربي حسب ما يُلاحظ فضلاً عن تضمّن هذا القسم فصلاً عما أسمّيه: البنية التحتية للنهضة وما تستلزمه من مبادئ وقيم كبرى من حرية واعتراف وعدالة واستحقاق وتسامح ».