تأتي قيمة هذه المشاركة انطلاقاً من المكانة التي أصبح يحتلها «اللغم الأخير» داخل المشهد السينمائي، فهو فيلم تحرّكه دوافع إنسانية قبل أنْ تكون سينمائية. إذْ حرصت المخرجة منذ أوّل مشهد في الفيلم أن تعطي للبعد الإنساني قيمة كبرى، فهي لا تستهويها التقنية وعناصرها الجمالية ذات الصلة بالتصوير والمونتاج، بل يشعر المُشاهد أنّه أمام عمل سينمائي مفتوح على تحولات الواقع، حيث يلعب هذا الأخير دوراً مركزياً في صناعة الفيلم. وحرصت أكلاز في فيلمها الوثائقي الأوّل، على أنْ تكون الصورة عبارة عن امتداد حقيقي للواقع، فهذا الأخير يولّد الصور ويدفع بالصورة السينمائية إلى البحث عن أفق مغايرة تصبح فيه السينما وسيلة لإدانة لتعربة الواقع وإدانة التاريخ.
وقد حقّق المهرجان منذ أوّل عرض نجاحاً كبيراً، حيث استطاع أنْ يُلفت انشغالات العديد من النقاد والمشاهدين على حدّ سواء. فقد ترك الفيلم أثراً طيّباً في نفوس المُشاهدين وجعلهم ينسجون معه علاقة خاصّة بسبب الأبعاد الاجتماعية التي يُضمرها. بل إنّ اختيار أكلاز لموضوع الألغام بالجنوب المغربي، جعل الفيلم يحبل بأبعادٍ سياسيّة. على الرغم من كون المخرجة لم يكُن هاجسها سياسياً وإنّها تمركّز حول ضرورة تصوير الحالة الإنسانية لأشخاص فقدوا بعضاً من جسدهم بسبب العديد من الألغام التي ماتزال موجودة إلى حد اليوم. ورغم أنّ الفيلم يعتبر الفيلم الطويل الأوّل للمخرجة بعد سلسلة أفلامٍ قصيرة قامت بها، إلاّ أنّها قدّمت متناً وثائقياً مغايراً، خاصّة من ناحية التصوير التي كانت بمثابة مغامرةٍ حقيقية للمخرجة وفريقها الفني وهي تقف على أرض كلّها ألغام.



