في هذا الحوار بمرسمه بمدينة أزمور، يكشف عبد الكريم الأزهر عن سيرته الفنية في علاقتها بالذاكرة وتحوّلات المدينة. إذْ يعتبر الفنان أنّ أزمور تُمثّل بكلّ تاريخها وناسها المنبع الحقيقي لتجربة الإبداعية، رغم أنّ الدارالبيضاء التي عاش فيها مرحلة من حياته، حيث التقى بكبار الأدباء المغاربة وتأثر بسيرهم وكتاباتهم لتتحوّل إلى مشاريع فنّية تُعيد بناء وهندسة عالمه البصري. فالمدينة بالنسبة له فضاءٌ حيويّ لاستمرار فعل الصباغة، لكونها تُشكّل المنبع الحقيقي لسيرته، بعدما عمل طوال سنوات على القبض عن ملامح شخصياتها وناسها وتحويلها إلى كائناتٍ مجرّدة من الملامح وتتخلّلها أشكال تعبيرية عبارة عن موتيفات بصريّة تعطي التركيز للوحة.
إنّ ذاكرة الأزهر مُحمّلة بطفولة تكاد لا تنتهي، لكونه يُعيد رسمها بطريقة مختلفة من خلال مجموعة من الأوراق والبطاقات الوطنية والرسومات فيقوم بتوليفها على جسد اللوحة. بهذه الطريقة يُكسّر الفنّان مفهوم « الكولاج » بكلّ حمولاته التقنية الغربية، صوب مفهوم « الروسيكلاج » الذي يعمل عبره على إعادة بناء وجود اللوحة. وهي طريقة فنّية يجعل عبرها عبد الكريم الأزهر الواقع ينزلق بطريقة خفيفةٍ إلى اللوحة، حيث يُصبح السند عبارة عن سند يقوم بتخييل الواقع، بدل أنْ يتخذ من المفهوم أفقاً للإبداع.
وعن علاقات الفنان بعنصر اللون، يرى بأنّ دراسته في بلجيكا عند بعض الأساتذة جعلته يُدرك مُبكّراً مفارقات وسيميائيات اللون، لأنّ هذا الأخير، عبارة عن معطى ذاتي يكتسبه المرء من خلال ثقافته وتنشئته. فاللون هو ما يعنيه لك أنت كمُتلقّي وكمُبدعٍ وليس كما تُقدّمه لنا الأكاديميات والمدارس والمعاهد وتاريخ الفنّ عموماً. وهي نظرة تقوم على تغليب الفكر على النقل، يُحاول من خلال الأزهر بناء مفاهيم جديدة تتّصل بلوحاته وعوالمه التخييلية.