لا أعرف كيف فكّر مخرج الأغنية في وضع هند زيادي داخل فضاء مقهى يوجد على أرض قاحلة؟ إذْ رغم الاكسيسوارات المُلوّنة التي حاول المخرج أنْ يصبغها على الكليب، بما يُتيح للعين إمكانية البحث عن جماليات جديدة. وهو أمرٌ لم ينجح فيه المخرج من الناحية الجماليّة، فظلّت الصُوَر مُكرّرة ولا تستطيع خلق طباقٍ بصريّ مع الأغنية ومداراتها الفنّية. وإذا حاولنا مقارنة هذه الأغنية بنظيرتها الثنائية مع الفنّان زهير بهاوي بعنوان « FoLLow » سنكتشف حجم الاختلاف، لا في أداء بهاوي ولكنْ في قوّة هند زيادي وقدرتها على منح الفضاء الغنائي إيقاعاً ممتعاً.
في « بوم بوم » هناك نمطٌ من التكرار البصري القاتل لطبيعة الصورة وجمالياتها داخل الكليب، فأحادية الفضاء لا تعطي للعين أفقاً للتفكير، بل تجعلها تتنفّس نفس الهواء في كلّ صورة أو مشهد. العطب كامنٌ بالأساس في مفهوم الفضاء الذي لم ينجح المخرج في اختياره وضبط شعريته بما يتماشى مع خصوصية النصّ الغنائي. وحتّى على مستوى الإيقاع هناك رتابة موسيقية تدفع اللحن يتكرّر إلى ما لا نهاية، كما لو أنّ هناك نمطاً موسيقياً واحداً أو قالباً فنياً يتيماً وُضعت عليه الأغنية.
تنتمي هند زيادي إلى الوجوه الجديدة التي أصبحت في الآونة الأخيرة تحتل مكانتها داخل الوسط الغنائي الواعد، بل إنّها أكثر الوجوه شهرة، بحكم ما تتمتّع به بعضُ أغانيها من شهرة إلى جانب وجوه أخرى مثل زهير بهاوي ومنال بنشليخة ورجاء بلمير وأخيراً نورة فتحي. إنّنا اليوم أمام جيل متعدّد الأنماط الغنائية، لكنّه غير قادر على خلق تجديد على مستوى الصناعة الموسيقية لدرجةٍ يبدون فيه وكأنّهم يكتبون ويعزفون ويصنعون أغنية واحدة همّها الترفيه والاستهلاك. إنّنا أمام جيل فنّي معطوب يتعامل مع الغناء وفق ما يقترحه الواقع من موجات، وليس ما تمليه الذائقة الشعورية بالنسبة للفنّان وقدرته على خلق مناخ موسيقي يكون مختلفاً ومغايراً، بما يجعله يعمل على تجديد الصناعة الغنائية، كتابة وصوتاً وتصويراً.
ما قدّمته هند زيادي في أغنية « بوم بوم » لا يليق بها ولا بتجرتها الناشئة، إذْ رغم براعة الصوت والأداء، فإنّ الصناعة الفنّية للأغنية من الناحية البصرية لم تستطع أنْ تعطيها زخماً جمالياً. وذلك لكون الخطاب البصريّ للأغنية لم يكُن قادراً على التقاط جماليات الصورة وتشابكاتها مع النصّ الغنائي وحركية الأجساد داخل الفضاء.