تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يتناول أحد أبرز النقاد في الحقبة المعاصرة. ذلك إنّ كتابات كيليطو تتميّز بقدرتها على خلق نوع من التجريب الفكري لمحاولة بناء منظور فكري مغاير يستمد أصوله المتون الفكرية وليس النقدية. لذلك تُطالعنا كتابات كيليطو على أساس أنها كتابات فكريّة تحرص على إقامة نوع من الحفر في بنية النصوص القديمة وإعادة بناءها من جديد وفق آلية تقوم على الفحص والنقد. ورغم اختلاف الموضوعات التي يتناولها عبد الفتاح كيليطو، فإنّ أسلوبه النقدي يظلّ على حاله، فهو اختار منذ البداية التخلّص من الرطانة اللغوية والزخرفة الأسلوبية لصالح كتابة نقدية تحفر مجراها عميقاً في القضايا والإشكالات ذات الصلة بالأدب العربي القديم.
تكرّس مثل هذه الكتب النقدية ثقافة الاعتراف بما قدّمه العديد من النقاد والأدباء في مسارهم العلمي، وذلك من أجل الوقوف عن كثب عند الخصائص الفكرية التي تُميّز بعض الخطابات النقدية والمسالك العلمية التي تنتهجها بعض الكتابات في سبيل البحث عن المختلف والمغاير داخل الخطاب المعرفي وإعادة استحضاره وإعادة تقييمه للخروج بخطاب نقدي لا يُحاكي الخطاب الموجود، بقدر ما يتنطّع صوب بناء خطاب معرفي جديد.




