تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يناقش أحد أصعب الظواهر الطبيعية التي تُصيب الأرض فتحوّلها إلى أراضٍ يصعب تحقيق الإنتاج الزراعي فيها. غير أنّ الدراسة لا تكتفي بموضوع التصحّر، بقدر ما تعمل على مقارنته بالتحوّلات التي طالت مفهوم المجال في حوض زيز. ويحرص الباحث في كتابه على تقديم متن يتداخل فيه ما هو جغرافي بما هو أنثروبولوجي وذلك بغية فهم التغيّرات التي عرفها المجال والتي تساهم بطريقة أو بأخرى في ظهور مشكلة التصحر والكشف عن مختلف العناصر المهدّدة للنظم البيئة الخاصة بالأرض، إذ يرصد الباحث جملة من العوامل الطبيعية والبشرية التي تفاقم من حدّة مشكل التصحر داخل واحدة زيز.
يقول الباحث « مقاربة لإشكالية التصحر والتحولات الاجتماعية المجالية بواحة زيز، والتي أثرت على البنيات السوسيو اقتصادية، مما جعلها أكثر تعقيداً لدرجة يصعب على الباحث السوسيولوجي أن يتجه نحو ميدان الدراسة دون تجربة أو معرفة سابقة، إذْ الفلاحون هم المستهدفون في المقام الأول من هذه التحولات التي تنعكس على التنمية المستدامة. إن فلاحي الواحة جزء من هذه البنيات الاجتماعية، مما يستدعي قراءة هذا المجال وفهمه من الناحية السوسيو بيئية والأنثروبولوجية لفهم الواقع المرئي واللامرئي الخفي، لأننا اليوم في حاجة إلى سوسيولوجيا محلية واحية أكثر جرأة في التحليل والدراسة. إنّ مشكلة الواحة اليوم تتجسّد في المشاكل البيئية وما يرتبط بها من تصحر وتغيرات مناخية تهدد الإنسان وتجعله غير قادر على التحكم فيها، عي عوامل تهدد بنيات المجتمع الواحي وتؤدي إلى تدهور منظوماته ».
