في كتابه يرى الحسناوي أنه «حين نتساءل عن شكل الحياة الذي قد يجعلنا نحيا حياة كريمة، فإنّنا نصوغ أفكاراً حول الحياة نفسها. هناك أشكال عديدة للحياة لا يمكن اعتبارها حيوات فعلاً، لأنها منذورة للهشاشة، مشوهة وميتة. من يستطيع الادعاء بأن حياة المشردين وأطفال الشوارع وممتهنات الدعارة والفقراء ومعطوبي الحرب اليومية، ليست حيوات ميتى ومحترقة. إنها حيوات مرمية على قارعة الطريق مثل النفايات بدون مساندة اجتماعية أو تكافل اجتماعي، يظلّ مجرّد شعار فارغ بلا مضمون يردده محترفو السياسة. إن نقد الحياة الهشّة والعديمة القيمة مهمة حيوية من أجل الصراع أي من أجل الحياة. الصراع لكي نحيا داخل مجتمع عادل لا تسيطر عليه الامتيازات التي يستفيد منها الأغنياء والسياسيون، ولا تسوده التفاوتات الطبقية. كيف يمكن للمرء أنْ يحيا حياته إذا لم يمتلكها ويتحكّم فيها، وإذا كانت تفلت منه باستمرار كإناء يرشح، وتتحكّم فيها شروط وسياقات برانية قاسية، تضعه كفرد داخل الوضع الاعتباري للعبودية بمختلف تلويناتها، وتحول حياته إلى نوع من الكابوس أو الجحيم».
يرى الحسناوي: «حين نحيا حياة مشوهة معطوبة، فكأننا نسحكن ألماً وجودياً يومياً. هكذا تتعرّض الحياة للعنف وأشكاله اليومية، حياة الضحايا المدنيين في مناطق الحرب، أو تحت نير الاحتلال أو الاستبداد، أو داخل شروط الفقر المذقع، حيث يتعرّض الضحايا للعنف المادي والرمزي بدون أدنى حماية للحفاظ على أمنهم أو للهروب حتى، نفس الشيء يمكن قوله عن اللاجئ الذي يعبر حدود الدول في ظروف قاسية، الشيء نفسه ينطرح بالنسبة للعمال والعاملات الذين يشتغلون في ظروف بالغة البؤس والهشاشة. هناك فئات، شرائح اجتماعية، جماعات كثيرة العدد من الساكنة الآن، في ظل الليبيرالية المتوحشة، قد فقدت نهائياً الإحساس بالمستقبل والثقة فيه أو بالانتماء السياسي على المدى البعيد، لأنها تعيش حياة مشوهة تتلاعب بها الليبيرالية المتوحشة».