تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يقدّم لنا مجموعة من الدروس التي استفاذها موران من التاريخ باعتباره من المفكرين الذين شاهدوا وعاشوا العديد من الأحداث التاريخية التي عرفها العالم مثل الحرب العالمية الثانية والأزمة الاقتصادية وسقوط المعسكر الاشتراكي وغيرها من الأحداث البارزة في تاريخ العالم. كما أنّ موران يعد في طليعة المفكرين الأكثر غزارة وإنتاجاً في مجالات فكرية متعددة، إذْ يسعى صاحب « المنهج » إلى محاولة التصادي مع مختلف مع يطبع العالم من أحداث وتحولات ذات أثر في ذاتية الإنسانية قبل الفضاء والسياسة والمجتمع. بيد أنّ انغماس إدغار موران في ثنايا هذه الأحداث يأتي من زاوية كونه مفكراً يفكك سياقاتها ويرصد أنظمتها ليقدّم لنا في نهاية الأمر كتابة مركبة تتواشج فيها المعرفة النفسية والفلسفية والاجتماعية.
يقول عن كتابه الجديد «يجمع التاريخ بلا انقطاع وأحياناً بشكل لا ينفصم بين الحضارة والهمجية. غالباً ما يكون عبودية وقنانة واستبعاداً في الغزوات والاستعمار، ونادراً ما يكون تحرّراً وحرية. يكشف لنا عن الإنجازات المذهلة للإنسان وعن دور الخيال والأسطورة والدين. إنه لا يقيني بطبيعته، إنه نظام ولا نظام. حتمية وصدفة. أنه خلاق ومدمّر ويكشف لنا عن جميع جوانب الطبيعة الإنسانية. من أسماها إلى أكثرها همجية. يتمثل الدرس الرئيسي للتاريخ في أنه يبرز الوجوهالمتنوعة للإنسانية والسلوكات الإنسانية المختلفة، بل يبرز أيضاً المزيج الأنثروبولوجي الوثيق بين العقل والحمق والتكنولوجيا والأسطورة».




