أشرف الحساني يكتب: تدويل السينما المغربية

أشرف الحساني

في 29/04/2025 على الساعة 17:30

مقال رأيمنذ اللحظة التي أعلنت فيها إدارة مهرجان «كان» السينمائي عن قائمة الأفلام الروائية الطويلة التي ستدخل غمار المنافسة في الدورة الـ 78 من مهرجان كان السينمائي المزمع تنظيمها ابتداءً من شهر ماي المقبل، خرجت مجموعة من الأصوات الفنية والنقدية والإعلامية تطرح السؤال الآتي: لماذا يغيب المغرب في مهرجان «كان»؟ ولا شك أنّ أسئلة مباشرة من هذا القبيل غير بريئة وتُحرّكها جملة من الأهواء، جعلت بعض الفاعلين في المجال السينمائي يعيدون طرحها بشكل جريح.

تاريخياً، نجح المغرب في الوصول أكثر من مرّة إلى مهرجان « كان » والفوز بجوائز هامّة، خاصّة في سنة 2023 التي اعتبرت مرحلة جد هامّة على مستوى علاقة المغرب بهذا الموعد السينمائي الهام. فقد فازت 3 أسماء مغربية غير معروفة بالنسبة للمشاهد بأرفع جوائز المهرجان، يتعلق الأمر بأسماء المدير وزينب واكريم وكمال لزرق. ومنذ تلك اللحظة بدأ العالم يعرف شيئاً عن سينما مغربية جديدة، تحاول أنْ تجترح أفقاً سينمائياً مختلفاً عن باقي التجارب المخضرمة التي بدت للعديد من المهتمين أنها حصلت على كل أشكال الدعم المادي الذي تمنحه الدولة والمؤسسات الخاصّة، لكنّها لم تستطع في مسيرتها الفنية أن تتجاوز مدينة طنجة. سؤال كهذا يطرحه العديد من النقاد والإعلاميين حول أسباب غياب السينما المغربية في المهرجانات العالمية؟ هل يتعلّق الأمر بصناعة متصدعة لا تقوى على مسايرة تحولات الصناعة العالمية؟ أم أنّ هناك مشاكل في التوزيع؟ أو في سوء كتابة السيناريوهات وما يترتّب عنها من أهوال إبداعية تُضعف قيمة الفيلم وجمالياته؟

والحقيقة أنّ مثل هذه الأسئلة، رغم ما يشوبها من نبرة نقدية تفكيكية بالنسبة للمؤسسات المعنيّة بالقطاع السينمائي، فإنّها تظلّ مشروعة من الناحية العلمية وذات هواجس حقيقية حول واقع صناعة سينمائية يصعب أنْ نقول على أنّها متردية، أمام ما يحبل به الواقع من تجارب ناجحة، سواء على مستوى الكتابة أو الإخراج أو الإنتاج. إنّ سؤال: لماذا لم يحضر المغرب في قائمة كان 2025؟ يظل غير صحيح، وذلك لأنّ القيمة الحقيقية للأفلام، لا تكمن في حضورها داخل مهرجان كان أو برلين أو البندقية، بل انطلاقاً من الشهرة التي تحققها هذه الأفلام بالنسبة للمغرب وبشكل أكبر من المفاهيم الجماليّة التي تجترحها في سبيل البحث عن صورة سينمائية مختلفة ومغايرة. إنّ المتتبع للنجاحات المتواصلة التي تحققها السينما المغربية، يكتشف كيف تعمل الأجيال الجديدة على صياغة مشروع سينمائي، لا يؤمن بالحدود والسياجات على مستوى اختيار المواضيع، بقدر ما ينطلق من البيئة المحلية ليُقارب أسئلة كونية ذات صلة بالإنسان بشكل عام.

لكنْ في اللحظة التي تعالت فيها الأصوات وكثر اللغو والضجيج، خرجت قائمة الأفلام القصيرة التي ستُعرض ضمن فقرة أسبوع النقاد، ليجد أصحاب الزوبعة أنفسهم أمام صورة محرجة بعدما ظهر في اللائحة فيلماً مغربياً بعنوان « لمينا » للفنانة والمخرجة رندة معروفي، حيث سيعمل هذا الفيلم القصير على تمثيل المغرب في مهرجان « كان » السينمائي للمنافسة مع أفلام من كوريا ورومانيا وفرنسا وألمانيا. وهي عبارة عن دول لها صيتها السينمائي وتساهم بشكل سنوي في إنتاج عدد كبير من الأفلام والمخرجين على اختلاف أذواقهم ومرجعياتهم ومشاربهم.

لكنْ بغض النّظر عن هذا التمثيل المشرّف ينبغي التوقّف عن اعتبار « كان » مرجعاً للسينما المغربية، فهناك أفلام عالمية عُرضت هناك ولم تحظى بأيّ متابعة نقدية. لذلك فإنّ الرهان اليوم، يكمن في إعادة تكوين أجيال وإعادة ضبط المواد المدرّسة والانفتاح على تجارب وطنية وأجنبية وخلق شراكات والتسويق للأفلام المغربية في الخارج. خاصّة وأنّ المركز السينمائي أصبح اليوم يلعب دوراً كبيراً في إعادة تحيين القوانين وتسهيل ميكانيزمات التصوير ودعم الأفلام طيلة مراحل تشكّلها، بغية الدفع بالسينما المغربية إلى الأمام وفتح منافذ ضوءٍ جديدة بالنسبة لها.

لهذا، لا يمكن اليوم أن ننكر مجهودات العديد من المخرجين السينمائيين مثل سعد الشرايبي وكمال كمال وفوزي بنسعيدي وهشام العسري ومحمد مفتكر ونبيل عيوش وغيرهم من الأسماء الإبداعية التي وإنْ كان بعضها لم يسبق له على الإطلاق المشاركة بفيلمٍ في مهرجان « كان » تظلّ بعض أفلامهم ذات قوّة كبيرة من الناحية الإبداعية وتترك دائماً أثراً كبيراً في جسد المشاهد.

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 29/04/2025 على الساعة 17:30