تأتي قيمة هذه السخرة الغنائية في كونه تقدم لوناً فنياً مذهلاً له جمالياته وتاريخ. لذلك فإنّ العودة إلى هذه الجذور الموسيقية المتأصلة في البيئة الإفريقية وذاكرتها يعطي هذا الامتداد العميق للفن المغربي وقدرته على التلاقح بين فنون أخرى داخل سياقات تاريخية اتّسمت بالصداقة والجوار وذلك بحكم العلاقة الكبيرة التي ربطت المغرب بباقي البلدان الإفريقية والتي أفرزت خلال لحظات تاريخية موسيقى غناوة التي خرجت من طابعها المغربي وببعدها الإفريقي لتتجذّر في البيئة العالمية وصناعتها. ويعتبر بنشمسي من التجارب الأصيلة التي جددت هذا اللون الغنائي وجعلته يدخل في رحابة الآلات الموسيقية المعاصرة، بما يجعله فناً معاصراً منتمياً إلى الواقع. وقد لعب هذا التحديث الفني دوراً بارزاً في ذيوع غناوة وجعلها من الأنماط الفنية البارزة في المشهد المغربي.
يدخل هذا العرض ضمن البرنامج الغني الذي يعده مسرح محمد الخامس من أجل تقديم الفن المغربي في أبهى صوره وتجلياته. إذْ يحرص فريق المسرح على محاولة خلق جدل فني بين المسرح والستانداب والغناء والموسيقى وغيرها من الفنون التعبيرية التي تكون حاضرة بقوة وتعمل بطريقة جمالية على خلق تواشج فني بين هذه الفنون، بغية تقديم الساحة الفنية المغربية ورصد قيمتها وجمالياتها، انطلاقاً من الدينامية التي باتت تعرفها على أكثر من صعيد.



