تتميّز كتابات منتسب في كونها تظلّ دوماً كتابة منفتحة على تحوّلات الكتابة المعاصرة من حيث الموضوعات والتقنيات والميكانيزمات والأساليب. ذلك إنّ تجربته تتميّز بنوعٍ من التعدد الأدبي الذي يعيشه في ذاته بين القصة والرواية والشعر والنقد. ورغم اشتغاله منذ سنوات طويلة في المجال الصحفي، ظلّ منتسب وفياً للكلمة في أفقها الإبداعي الرحب. إذْ عمل مبكراً على الكتابة وفق نمطٍ أدبي مغاير لا يتعلّق بمفهوم المركز ومفاهيمه، بقدر ما التصق بمفهوم الهامش وعوالمه التخييلية المغايرة. وإذا كانت المرجعية الغربية حاضرة في قصص منتسب، فذلك لكونه قارئاً نهماً للمراجع الغربية ومضانها، كما خبرها في بحثه للدكتوراه منذ عام 2004.
في كتابه الجديد « تماسيح مصممة لقول شيء ما » « يدخلنا القاص سعيد منتسب في متاهة رهيبة من المخابئ السردية. والمفارقة أننا لا نعرف حقاً من المحتجز داخل المتاهة. هل هي التماسيح أم القارئ أم الكاتب نفسه؟ » نشعر ونحن نقرأ هذا الكتاب بأننا في قبض حيلة ما، ولا نستطيع الخروج من فخاخها إلا بالقدر الذي يسمح لنا بالتنفس بين الحين والآخر الجرعة التي تجعلنا على قيد القراءة. ذلك أن نطاق التماسيح يتسع في كل الاتجاهات والأبعاد مما يفضي إلى نمو متواليات هندسية يتراكم عبرها المزيد من الأشكال ».
وحسب غلاف الكتاب فإن « كل قصة توحي بأن التماسيح إلى حد ما ليس هو ذلك الافتراس الحي ذو الفكوك القوية. بل هو تلك الورطة الوجودية التي تتّخذ أشكالا متنوعة من الأقنعة. الأمر الذي يسمح للنصوص بأن تكون على اتصال بعضها. ليست التماسيح في هذا الكتاب مجرد تماسيح تنهض دائما في البراري والأحواض والغابات والأنهار والمستنقعات والمحميات والحدائق، بل هي كائنات تأتي من مكان آخر يقع أحياناً خارج المكان. بل على الأرجح من سلسلة من الانهيارات العجائبية غير المتوقعة أو من تراكم تركيبي متشابك يفضي إلى الفناء الخلفي للانمساخ، أو من نصوص تجمعت آثارها الخفية في أعماق الكاتب. مسوخ تتطلع إلى أعلى. تتكلم، وتمشي في الأسواق، وتقرأ الكتب وتفكر وتحاجج، وتلج المقاهي والحانات والفنادق والمكتبات، وقد تخرج من القبور أو تحلق فوق الرؤوس، وقد تمضي مبتعدة إلى عصرها الجليدي. لكنها تتفق كلها على أنها خطأ كبير، ومن هذا الخطأ تظهر بعض الصلات والقطائع التي تظل، مع ذلك، غامضة ».
يضيف « إنها تماسيح/ نصوص تغوي بالنظر إليها وافتراض أن هناك حقيقة حيوية أخرى ينبغي الإقرار بوجودها؛ فكل تمساح يفتح لنا على بأساليب غامضة منفذا سرديا إلى أضداده أو خُلُوفِه. الكثير من المواقف المدهشة. العجائبيات الأصيلة. الاحتمالات الساخنة ».