ويُعدّ الشاعر عبد اللطيف اللعبي من رواد جيل السبعينيات داخل المشهد الشعري المغربي المعاصر. ذلك إنّ تجربة الشعرية قوية البنيان وشامخة التشييد، بما تقدمه من إمكانات تخييلية مذهلة على مستوى بناء الصُوَر والدفع بفعل الكتابة إلى حدودها القصوى في سبيل البحث عن شعرية مغايرة، بقدر ما ترتبط بتاريخ وذاكرة الشاعر، تروم من جهة إلى أخرى إلى السفر في سراديب الذات وبلورة مكبوثها. وإلى جانب شهرته الشعرية، يُعتبر اللعبي من الأقلام الروائية القليلة أعطت لأدب السجون نفساً جديداً أخرجته من بُعده الإيديولوجي، صوب أفق تخييلي رحب. فالكتابة عنده رغم مُنطلقاتها المعروفة بذاكرته الجريحة، فهي تفتح لها نافذة شعرية مُطلّة على الإبداع والابتكار.
يقول الشاعر عيسى مخلوف في تقديمه للكتاب « يقف عبد اللطيف اللعبي، في هذه المجموعة، على شُرفة مُطلّة على المدى الواسع وعلى تقلُّبات النّهار والليل. يلقي نظرة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء. إلى ما جاء وإلى ما سوف يأتي. يستشرف الآتي ويستشعر جبلَ الجليد الذي سترسو عند سفحه سفينتُه المُبحِرة، مُدركًا أنّ الوقت سيظلّ يتدفّق من بَعده، «الوقت الذي يأكل الحياة » وفقَ شارل بودلير».
يُضيف: «قصائد هذا الديوان هي قصائد الحَصاد التي اهتدى بها كاتبُها إلى ما هو أثمن من الأيّام التي تمضي: الكتابة. الكتابة كاسترجاعٍ للحياة. يكتب عبد اللطيف اللعبي « كي لا يتعفّن/ الجسد والروح/ قبلَ القطاف* ». كأنّ التوقُّف عن الكتابة، هنا، هو توقّف زمنه الشخصيّ، وهو الموت قبل أوانه».
ويعتبر صاحب «ضفاف أخرى» بأن اللعبي ينظر «حوله ويرصد ما بقيَ وما انقرض، أو ما هو في طريقه إلى الانقراض، في ما يتّصل بالفصائل الحيوانيّة أو بالنوع البشريّ. إنّها نظرة إلى الإنسانيّة التي تتحرّك، أكثر من أيّ وقت مضى، على شفا سَديم. والحال هذه، كيف لا تمتلئ قصائده بالقلق؟ القصائد التي تتحرّك في كواليسها تحوّلات العالم المعاصر وتحدّياته، ومعها يتَغَيُّر المعنى الثقافيّ، ومن ضمنه معنى الشعر».