تأتي قيمة هذا اللقاء في كونه يكشف عن الإمكانات الكبيرة التي يحبل بها الباحث في الكشف عن قضايا وإشكالات ذات صلة بسوسيولوجيا الطعام والكلام، خاصة وأننا لا نعثر في الثقافة المغربية على مثل هذه المؤلفات التي تتأمّل الطعام والكلام. فمثل هذه المؤلفات مغيّبة في تاريخ الثقافة المغربية لتي غدت تعيش نوعاً من تضخم السرديات في مجال الآداب، أمام غياب مهول تعاني منه هذه الثقافة اليوم. ويأتي سياق هذه المحاضرة على خلفية الجائزة التي فاز بها العوادي، باعتبارها من الجوائز الرفيعة داخل الثقافة المعاصرة. على هذا الأساس، فإنّ مثل هذه الكتب تُعيد الاعتبار للثقافة وتجعلها تنفتح على قضايا لا مفكّر فيها داخل المجال البحثي. إنّ الثقافة تحتاج دائماً إلى تجديد وتجدد من أجل ضخ دماء جديدة في شرايينها، بغية البحث عن أجوبة لما نعيشه اليم مت تحولات وتغيّرات.
يندرج موضوع المحاضرة ضمن مجال الأنثروبولوجيا الثقافية، بوصفها علماً يدرس العادات والتقاليد في مجالات ذات صلة بالثقافة والفن. من ثمّ، فإنّ الكتابة هنا تأتي وفق نفس مركّب لا يستمد ملامحه من النقد بأسلوبه الكلاسيكي، بقدر ما تنهل الكتابة من مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية، بغية الحفر عميقاً في جسد الثقافة المغربية والبحث عن طرق وآليات تمثل طرق الطعام والكلام خلال لحظات تاريخية تنوعة من الثثافة العربية. كما أن الوعي بقيمة هذا الموضوع يعطي انطباعاً علمياً عن التحولات التي باتت تعرفها الثقافة المغربية في سبيل البحث لها أجوبة مغايرة لا تُعيد تكرار المكرّر، وإنما العثور على أشياء جديدة بها تبني معالمها وأصالتها.




