تأتي قيمة هذه الدراسة في كونها تُعيد الانتباه إلى واحد من المشاريع الفكرية الهامة التي ظلّت تحتفظ ببريقها الفكري منذ سبعنيايت القرن الماضي، إذْ يحرص بازي أنْ يضع الكتاب موضع فحص ونقد، وهو يتأمّل فكر العروي ويسعى إلى تأطير مفاهيمه التي اشتغل عليها مثل التاريخ والإيديولوجيا والحرية والعقل وغيرها من المفاهيم التي قامت بتأطير فكر العروي وجعلت مشروعه الفكري من المشاريع الرائدة في المغرب الحديث والتي ما تزال مثار غموض كبير بسبب جودتها وأصالتها في تشريح الفكر العربي. ورغم الكتابات الكثيرة التي كُتبت حول العروي فإنّ دراسات من هذا القبيل تكتسب شرعيتها في كونها تُعيد الاعتبار للفكر التاريخاني ومكانته الاعتبارية داخل الفكر المغربي.
يقول الباحث بأنّ كتابه هذا « كُتب على فترات وكتب أيضاً مقالاً بعد مقال، ودراسة بعد دراسة، كان غرضها البحث عن التفصيل في فكر العروي، أي ذلك التفصيل الذي همّشته العموميات إذْ يرددها من يدّعون وصلاً بالعروي. ففيما يبني هو نصه على التفصيل وتدقيق المعرفة، نحا بعض قرائه بفكره منحى مثاليا لا يميز ماركسيته عن باقي الماركسيات، ولا تاريخانيته عن باقي التايخانيات، حداثته عن باقي الحداثات، وطنيته عن باقي الوطنيات، علاقته بالتراث عن باقي العلاقات، وهكذا، فكان هذا الكتاب بمثابة تنبيه إلى التفصيل المغمور في مشروع العروي، أو إلى تلك الأفكار والمناهج المرجعية على أهميتها ومركزيتها تُهمل في كم هائل من القول التبشيري ».




