يقول منتسب في كتابه الجديد «يشبه الذهاب إلى المكتبة الدخول إلى غابة كثيفة الأشجار. غابة من الأرواح كلها تبحث عن منفذ للكلام يكاد يكون مستحيلاً، بل غاية من الأبواب التي لا ينبغي فتحها ولا تسمح بالعبور إلا للذين رُصدت لهم كنوزها ومباهجها. هذا هو الإحساس الذي يعتري أي أحد يريد أن يمسك بكتاب مدهش وقدري وحاسم. كتاب يغيّر قارئه ويحوله من طفولة مرتعشة إلى طفولة أخرى لا تقل ارتعاشاً.
يضيف: «وبهذا المعنى فالمكتبة إقامة مرتبكة في طفولات لا حصر لها، تخفي على الجانب الآخر ما يجعل للحياة معنى(الجماليات). متواليات من الرموز التي تتشابك وتندمج وتنفصل، لتشكل ما لا نهاية من الرموز الجديدة. ولذلك، فإنّ الكتب لا تصنع المكتبة، رغم أنها عمودها الفقري، ما يصنعها هو حركة الخروج والانتقال من حالة الانسدال إلى حالة الانفغام، أي حين تمتد يد، وتتغلغل فيها عينان لتقرأها. والقراءة هنا لا تعني الاستقبال وبناء المعاني والتفسيرات والشروح، بل تعني التفاعل بالمعارضة والتخريق والارتياب والتدوير والتسليم بأنّ ليس هناك قراءة نموذجية على الإطلاق».
ينتمي سعيد منتسب إلى الوجوه الأدبيّة التي استطاعت منذ تسعينيات القرن المنصرم أنْ تفرض نفسها كتجربة أدبية أصيلة في الكتابة القصصية. بحيث أن القارئ لمنجزه الأدبي يجد نفسه أمام أعمال قصصية مختلفة من ناحية الكتابة والتفكير، لدرجةٍ تجعل القارئ يندهش أمام معضلة التجنيس الأدبي، فهو لا يكتب بطريقة تقليدية، بقدر ما يكون هاجسه أنْ يكتب على الحدود الفاصلة بين الأجناس مع الاحتفاظ بالنظام العام لجنس القصّة. كما أنّ نصوصه تتميّز بقُدرة على تجريب فنّي تجعله يُفكّر دائماً في الشكل الأدبي ومحاولة خلق نوع من السفر المعرفي الذي يجعل فعل الكتابة عالماً وليس تلقائياً، كما هو الحال في عدد من النصوص القصصية التي تصدر داخل المغرب وخارجه.