تأتي قيمة هذه الملتقيات الثقافيّة في كونها تُعيد الاعتبار إلى مفهوم الثقافة، باعتبارها صناعة أساسية تلعب دوراً كبيراً في التنمية وتجسير التواصل مع البلدان الأخرى. خاصة وأن التحوّلات التي باتت تعرفها الثقافة اليوم تفرض مثل هذه الملتقيات لتعميق النقاش حول خصوصيتها ومميزاتها ودورها الحيوي داخل المجتمع. إذْ على مدار سنوات ظلّت الثقافة المغربية يقظة تجاه ما كان يعرفه الواقع من تصدّعات. فبدت الثقافة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي باعتبارها وعاءً كبيراً لتحولات المجتمع. لكنْ مع بداية التسعينيات سنشهد نوعاً من التراجع، فهو في عمقه سياسياً أكثر منه ثقافياً. ذلك أنّ قوى اليسار التي كانت تؤجّج التفكير الثقافي داخل المجتمع تراجعت وانطفأت أحلامها لتدخل الثقافة في ليل طويل ما تزال ترزح تحته إلى حدود الآن.
تنظيم ملتقى ثقافي حول راهنية الثقافة المغربية، بإمكانه أنْ يساهم في تعميق النقاش بين الكتاب والأدباء والمفكّرين وجمعيات المجتمع المدني. وذلك لكونه يُعيد للثقافة المغربية بهجتها وأصالتها وقدرتها على أنْ تلعب دوراً حيوياً يومياً في تنشيط المجال العام. وسيعرف الملتقى مشاركة العديد من الباحثين والفنانين الذين سيقدمون مجموعة من الأفكار والمواقف حول راهنية هذه الثقافة التي باتت تعرف عدّة تحولات أنطولوجية سيما في علاقتها بمسألة التقنية.
