يعتبر الباحث أنّ الكتابة لم تثر «عن الذات قضايا الواقع والتخييل فقط، ففي تعريفها الثلاثي الأبعاد الذي يجمع بين الذات والحياة والكتابة، أثارت أيضاً قضايا الهوية والوعي بالذات والتاريخ والتقنية التي يتطلب إتقانها وقتاً طويلاً من الاكتساب، فكأنما تدور الطريقة التي تؤدي من الذات إلى الذات حول العالم كلّه، على حد تعبير هرمان كيسرلينغ لأجل ذلك تعددت المقاربات التي حاولت ملامسة كتابة الأنا فجعلت منها المقاربة التاريخية انتقاماً من التاريخ حين يجري بناء الحكاية الشخصية فوق تاريخ الأحداث واعتبرتها المقاربة السيكولوجية تجسيداً ثانياً للنفس بعرض الحميمية الإنسانية للتفتيش ولحكم الآخر عبر الكلام الملفوظ. أما المقاربة الأنطولوجية فقد نفت أن تكون الكتابة عن الذات مجرّد استعادة بسيطة للماضي وهو شيء غير ممكن بل عدتها قراءة ثانية حقيقية للتجربة قد تغيّر دلالة هذه التجربة حين تمتلكها بوعي. في حين جعلت المقاربة الجمالية اللسانية دلالة هذا النمط من الكتابة أبعد من ثنائية الحقيقة والكذب. صحيح أنها تحكي حياة لكنها أيضاً عمل فني ما هو حقيقي هو قيمتها الفنية والجمالية.
وينطلق هذا النوع من الكتابة التي تكتب «الأنا» من كتابة ذاتية تضع حداً للسياقات البرانية وتحاول أنْ تكتب العالم من داخل النفس البشري. إنّها طريقة فعّالة في القبض عن الحميمي من الذات البشرية وتشابكاته مع العناصر الخارجية. غير أنّ فعل الكتابة عن هذه الأنا يظلّ محكوماً بالنسبة للناقد إلى ضرورة الاستفادة من مناهج علم النفس بحكم ما تقدمّه من حظوة معرفية بالنسبة للناقد.