اختيار « اللغم الأخير » نابعٌ من قناعة فنية يتوفّر عليها الفيلم. ذلك إنّ الموضوع أثير من ناحية الكتابة ويطرح أسئلة قويّة حول واقع في الجنوب المغربي. ورغم أنّ المخرجة جعلت من الوثائقي أداة لإدانة الواقع والكشف عن حقائقه وآلامه، فإنّ الفيلم من ناحية تم تصويره بشكل درامي مذهل. هذا البعد الفني في القبض عن استيتقا الألم يعطي للفيلم وعياً دقيقاً بالصناعة الوثائقية وتحوّلاتها الجماليّة. ذلك إنّ أكلاز رغم قدومها من عوالم الفيلم القصير، إلاّ أنّها تمتلك لغة سينمائية قوية تُفيدها في إخراج أفلام وثائقية.
وحرصت المخرجة في فيلمها هذا على تصوير الواقع بطريقةٍ تلقائية لا تُجمّل فيها أيّ شيء، بقدر ما تترك الشخصيات تتكلّم في هدوء وهي تنسج مع المُشاهد علاقة خاصّة قوامها المتعة والألم. هذا الأخير، يحضر بشكل قوي في سيرة الشخصيات ويعطي عمقاً آسراً في الحديث عن آلامها وشجونها تجاه ما تعرضت له من ألم بسبب انفجار بعض الألغام الموجودة منذ سنوات تحت الأرض.
وقد فطنت أكلاز منذ أوّل مشهد وهي تُصوّر فوق أرض مليئة بالألغام أنّه ينبغي عليها أنْ تتحرّر من سُلطة الصورة الدعائية والانكباب على اجتراح صورة تمزج التوثيق بالتخييل، بقدر ما تتقاطع مع بعض من عناصر التاريخ والذاكرة، فإنّها سرعان ما تتلاقى مع نظرة موضوعية تدين الواقع وفداحته.