المخرجة فاطمة الزهراء لهويتر تعرّي مآزق المرأة في الحياة المعاصرة

في 23/12/2025 على الساعة 07:45

تعد المخرجة المسرحية فاطمة الزهراء لهويتر، من الوجوه الفنية التي أغنت الساحة الفنية بالعديد من الأعمال المسرحية التي تمتح جمالياتها من الواقع المعاش وفق قصص متخيّلة وحكايات واقعية تضفي عليها مسحة مسرحية، تجعلها تغدو بمثابة عمل مسرحي يستحق المشاهدة والتفكير والتأمّل والحلم.

بمناسبة عرض مسرحيتها «A quel moment j’ai Merdé»؟ بأستوديو الفنون الحيّة بالدار البيضاء، كان لـ le360 هذا الحوار معها:

ـ فاطمة الزهراء لهويتر، بداية، ما الذي يميز مسرحيتك الجديدة «A quel moment j’ai merdé»؟

هذه المسرحية بالنسبة لي، تعتبر أول عمل مسرحي سأشتغل فيه على نصّ مسرحي لم أكتبه، إذْ رغم وجود العديد من المؤسسات التي تتصل بي من أجل القيام بإخراج مسرحياتهم، إلاّ أنني أحبذ دائماً الاشتغال على نصوص كتبتها بنفسي. لكن بعدما اتصلوا بي «مسرح 19» اقترحوا عليّ إخراج مسرحيتهم، لكنْ بعد قراءة عملهم المسرحي، أحببت مفهوم الفضاء المسرحي الذي هو عبارة عن «مراحيض» لكنْ وفق سياقات جمالية مختلفة بين المنزل والمقهى الليلي والعمل والمطعم، فهي فضاءات مختلفة، لكنّها تحافظ على نفس الإكسيسوار الخاص بالمرحاض.

ومن جهة أخرى أحببتُ كثيراً النصّ المسرحي، لأنّه يتحدث عن الكثير من الموضوعات ذات الصلة بي كإمرأة، سيما وأنّ المسرحية تكشف عن العديد من الموضوعات التي تتقاسمها النساء داخل المراحيض العمومية وغيرها من الموضوعات ذات الصلة بالآباء والحب والجنس. وهي قضايا تلتصق بطبيعة المجتمع الذي ننتمي إليه اليوم.

لذلك قرّرت الموافقة على إخراج هذا النصّ، بحيث كنت على يقين تام، بأنّ المسرحية ستقدم شيئاً لتجربتي في مجال الإخراج وليس فقط قبول المسرحية لأنها مجرّد عمل فقط. فإذا لم يستطع أيّ نصّ مسرحي التأثير في ذائقتي الجمالية والنفسية، فأنا في العادة لا أقبل الاشغال عليه، وبما أنّني أحببتُ كتابة هند بناني وفاتن رحو قررتُ الخوض في هذه المغامرة الفنية المذهلة.

ـ لكنْ ما الصعوبات التي وجدتها في عملية الاشتغال على هذا العمل المسرحي الذي قررت الاشتغال عليه من الناحية الإخراجية والقيام بتحويل أفكار الآخر إلى مَشاهد فنية وكأنّها خرجت من جسدك؟

ـ من الصعوبات التي وجدتها في هذه المسرحية أنّ هناك بعض المَشاهد تؤثر في ذاتي أكثر من مشاهد أخرى وهناك مشاهد أخرى مثلاً، لو كتبتها كُنتُ سأكتبها وفق نفس كوميدي آخر. لكنْ هناك تشابه بين النص وما أقوم به أنا في العادة داخل مسرحياتي، إذْ هناك مَشاهد أكثر سوداوية ودراماتيكية، لذلك فإنّ مسألة تقبّل العمل المسرحي، يعد أوّل صعوبة عانيتُ منها. لكن التحدي الذي أخذته على عاتقي، هو كيف يمكن أنْ أضع مفهوم الصمت داخل المسرحية وأجعل منه عنصراً جمالياً بطريقة يصبح من خلالها الأداء منخفض الإيقاع، بما يجعل إيقاع النصّ المسرحي يتماشى بقوّة مع شخصيات المسرحية. لذلك فأنا شخصياً أحبّ العمل على التفاصيل الصغيرة في العمل المسرحي، لأنها تصنع الفرق وتجعل العمل يأخذ بعداً جمالياً مختلفاً.

ـ يشهد المسرح المغربي اليوم العديد من التحولات الفنية، خاصة على مستوى الشكل، بحيث نعثر على العديد من المسرحيين يعملون بقوّة على اجتراح أفق مسرحي جديد. باعتبارك من الوجوه الجديدة في المشهد المسرحي، كيف ترين وظيفة المسرح اليوم؟

أولاً على المؤلف المسرحي أنْ يثور على نفسه قبل كل شيء. ذلك إنّ المسرحيات التي أقوم بها تنطلق من أفكار تخصّني وتفرض نفسها عليّ كمخرجة قبل أيّ شيء آخر والتي تكون أيضاً ذات علاقة بالمجتمع الذي أنتمي إليه. شخصياً أحبّ الاشتغال على الموضوعات الإنسانية التي تتطرّق إلى الجانب النفسي للإنسان من خلال الحفر في ظلمة الذات الإنسانية، وهو ما يعطي تميّزاً وتفرداً في البحث عن معالجات مسرحية تنطلق من الجرح الذي يتخبّط فيه المجتمع.

أما عن المسرح الترفيهي فأعتقد أنّهم يحبّون «الفاست فود» فأنا لستُ ضد الجانب الترفيهي، لأننا نبقى في حاجةٍ إليه، لكنْ أحبّ أنْ يكون الاشتغال عليه بطريقة فنية محترفة وليس السخرية من الجمهور. لذلك فإنّنا نحتاج اليوم إلى فتح نافذة جديدة للتفكير، فالعمل المسرحي بالنسبة لي، هو حين يخرج المتفرّج من المسرحية ويبقى يفكّر لأسابيع في المسرحية، بحيث يصبح هو الآخر عنصراً مشاركاً في تأويل العمل المسرحي ومتخيّله.

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 23/12/2025 على الساعة 07:45