تأتي قيمة هذه الدراسة في كونها تدرس نمطاً معيناً من السرد الذي يقوم على توسيع أفق العمل السردي. وتُمكّن هذه المقاربة من تقديم زاوية نظر مختلفة في موضوع السرديات وفهم البنيات المعرفية والأسس الفكرية التي يتأسّس عليها الخطاب السردي. ذلك إنّ التحولات الإبستمولوجية التي تعرفها المناهج تساهم بقدر كبير في التأثير على الخطابات السرديّة، بحيث تدفعها إلى البحث عن مقاربات جديدة بها تضيء معالم النصّ وتُظهر أصالة الأعمال الأدبيّة، خاصّة أمام التحوّل الذي باتت تعرفه الكتابات السردية المعاصرة بطريقة تصبح معها الكتابة النقدية أقرب إلى الفكر، وهي تحفر مجراهاً عميقاً وتُعيد تأصيل المفاهيم وتستحضر السياقات المعرفية التي رافقت ميلاد بعض النصوص الأدبيّة.
يعتبر محمد بوعزة، أحد الوجوه النقدية البارة في مجال الكتابة النقدية. فقد استطاعت في السنوات الأخيرة تقديم مجموعة من المؤلفات النقدية التي تحتفي بالكتابة السردية وترصد سياقاتها المعرفية وخصائص الجمالية من خلال حفر عميق في المفاهيم والنظريات، لكنْ دون إسقاط هذه المعارف على النصوص السردية. صدر له: « تأويل النص: من الشعرية إلى ما بعد الكولونيالية » و« سرديات ثقافية: من سياسات الهوية إلى سياسات الاختلاف » و« تحليل النص السردي« .
